الخميس، 2 مايو 2024

أضواء على ضلالات دعاة الحرب ومناصري الجيش


أكدت هذه الحرب بما لا يدع مجالاً للشك أن أزمة السودان تكمن في المقام الأول في نخبه ومتعلميه (الذين يتركز تعليم أغلبهم في إكتساب المهارات والمعارف الفنية والمهنية فقط ولا يمتد لآفاق التفكير والإستنارة إلا من رحم ربي)، فسرعان ما إنقسموا إلى فرق وجماعات توزعت حسب عصبياتها وتحليلاتها الخاصة التي تستند على الهوى دون البحث عن الحقائق وتقصيها وقراءة الواقع وتحليله وإدارة حوار فيما بينهم بعيداً عن العواطف والتصورات الواهمة والرغبات، هذه السلبيات والعلل التي خلقت إصطفافات مدهشة ومفزعة ومتناقضة تناقض لا يمكن إستيعابه من الوهلة الأولى وظهر ذلك الرفض والتعصب جلياً عند الفريق الذي يقف مع القوات المسلحة بدعاوي مفارقة للواقع ودلالاته ووقائعه بدعاوي عديدة فطيرة ولا تمت للواقع بصلة ومنها أنها المؤسسة المنوط بها وحدها الحفاظ على الدولة (الغير موجودة) وأنها صمام أمان ووحدة السودان وبأن البلاد تتعرض لغزو خارجي وغيرها من الإدعاءات التهويلية الفطيرة التي لا تنظر ولا تستصحب تاريخ الأزمة السودانية وتعقيداتها، ليتوقف نظرها وقبله تفكيرها عند مشهد الهجوم الذي تم شنه للقبض على البرهان وتراجيديا البروبوغاندا بإستشهاد عدد كبير من الحرس الرئاسي للبرهان بمن فيهم قائدهم (وحتى لا نفوت هذه النقطة يجب التعليق على أن من أستشهد من الحرس لم يستشهد دفاعاً عن المواطن والوطن ولا عن الضعفاء والمقهورين في أصقاع الوطن المختلفة بل دافع عن مجرم باغي وظالم وحتى إن كان يدافع عن رمز وطني حقيقي وأستشهد فهذا واجبه الأساسي فلا داعي للتمجيد الزائد، فأولى به شبابنا العزل الذين واجهوا رصاص مليشيا القوات المسلحة والدعم السريع)، استخدمت هذه الحكاية المعبأة بالعواطف والبطولات الزائفة في تغييب وعي الكثيرين وإثارة عواطفهم لتصديق الرواية المفضوحة والغير منسوجة جيداً بأن الحرب قامت نتاج محاولة إنقلاب قادها الدعم السريع للسيطرة على الحكم، وهذا الادعاء المختلق يتجاهل حقائق ووقائع مهمة وهي أن الحرب بدأت في فجر ذلك اليوم في المدينة الرياضية (جنوبي الخرطوم) بهجوم شنته قوات من الجيش يقودها كوادر إسلاميين في مخطط لإعادة السيطرة على قوات الدعم السريع بعد القضاء أو إلقاء القبض على قادة الدعم السريع من عائلة آل دقلو والموالين لهم.


وحتى ندحض هذه الدعاوي والأكاذيب التضليلية التي نشرتها وسوغت لها غرف الإسلاميين وأجهزتهم داخل وخارج القوات المسلحة وتسبب في إنتشارها والترويج لها غياب وتوقف التفكير عند آخرين مشهود لهم بالثورية والمواقف الوطنية من جراء الصدمة والغفلة، سنورد بعض المعلومات المهمة والتي تسلط الضوء على الكثير المثير قبلها سأفند بعض مرتكزات مناصري القوات المسلحة ودعاة إستمرار الحرب:
بدأت الحرب بين الدعم السريع والقوات المسلحة بمحاصرة قوة تتبع للقوات المسلحة لمعسكر الدعم السريع في المدينة الرياضية (جنوبي الخرطوم) في الساعات الأولى من فجر 15 أبريل 2023 وبعد صلاة الفجر بلحظات فتحت النار منفذة هجوم بالأسلحة الثقيلة على معسكر قوات الدعم السريع وبدأت المعركة، في الوقت الذي يدعي فيه الجيش حسب روايته الفطيرة والتي أدلى بها القائد العام عبدالفتاح البرهان لقناة الجزيرة في لقاء بتاريخ 15 أبريل 2023 قائلاً: (أن قوات الدعم السريع هاجمت مقرات الجيش في بيت الضيافة "بالقرب من القيادة العامة وهو مقر إقامة رئيس مجلس السيادة" معبراً عن تفاجئه بمهاجمة الدعم السريع منزله في التاسعة صباحاً) (1)، وهنا يظهر لنا عورة وعدم صحة الادعاء القائل بأن الدعم السريع كان ينفذ مخطط للإنقلاب في ذلك اليوم كما يدعون. وأضاف في ذات التصريح قائلاً: (أن قوات الدعم السريع تحرشت بالجيش في منطقة المدينة الرياضية "جنوبي الخرطوم" التي إنطلق منها مخطط الحرب وهذا أمر أكده الجميع) (1)، أيضا نشرت صفحة القوات المسلحة بالفيسبوك تعميم صحفي بتاريخ 15 أبريل 2023 الساعة 12:54 ظهراً فحواه تؤكد نفس التصريح:

(تعميم صحفي
السبت 15 ابريل
شعبنا الكريم
في مواصلة لمسيرتها في الغدر والخيانة حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتنا في المدينة الرياضية ومواقع اخرى وتتصدى لها قواتنا المسلحة
الله اكبر والعزة لوطننا الغالي
مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة) (2)

وهو أمر آخر يؤكد ضعف رواية القوات المسلحة، غير أنه يطرح سؤال مهم ومحوري وهو ماذا كانت تفعل قوات تتبع للجيش في هذه المنطقة والتي تخلو من أي معسكر أو مقر يتبع للقوات المسلحة، هذا وبشهادة البرهان يتضح أن روايتهم غير متجانسة بل ومتناقضة، ولنوضح الملابسات حول ما حدث في صباح 15 أبريل سأورد لكم المعلومات التي تحصلنا عليها حول القوة التي هاجمت معسكر الدعم السريع بالمدينة الرياضية وبعض المعلومات المرتبطة بذلك الهجوم ومخططيه:

أحد حلقات المؤامرة التي أشعلت الحرب هو اللواء م. الجنيد حسن الأحمر فمن هو:
 •
عضو المجلس الأربعيني لإنقلاب للجبهة الإسلامية.

 عضو محكمة ضباط 28 رمضان الصورية.

 على علاقة شخصية قوية بـ "على كرتي" وكان يزوره بإنتظام طوال عهد الإنقاذ.

قائد سابق لقوات الدفاع الشعبي.

له نفوذ كبير وسط الجيش وقد قام الجنيد بإلحاق عدد كبير من الضباط وضباط الصف بالجيش من ضمنهم:
1- العميد عثمان كباشي – قائد معسكر القوات الخاصة بالمرخيات كرري وقائد ثاني قوات المهام الخاصة المظلات.
2- العميد م. عثمان الأمين البشير دوير التابع للمدفعية والمتفجرات والمتورط في حادثة إغتيال حمدوك وقد هرب وقتها لخارج السودان وعاد بعد أن إطمئن للوضع.

3- العميد م/ محمد عبدالله الامين - الدفعة أربعين، وجميع هؤلاء الثلاثة هم ضمن شبكة التخطيط والتنفيذ.

الجدير بالذكر أنه يمارس الإبتزاز على عدد من هؤلاء الضباط ليمنحوه أموال وتسهيلات لمنفعته الشخصية مقابل أن يضمن لهم البقاء في العاصمة أو في أماكن يحبذونها وإلا فسيستخدم نفوذه في نفيك إلى أي من مناطق الشدة.

كان الجنيد وعثمان الأمين يشكلان اليد اليمنى لإبراهيم شمس الدين سفاح الإنقاذ المعروف.

تمت مكافأته بتعيينه ملحقًا عسكريًا بجمهورية مصر العربية فقام بسرقة اموال الملحقية البالغ قدرها اثنين مليون وثلاثمائة الف دولار، حيث إستخدمها في عمليات الدجل، والتنزيل، بالمال العام، فتعرض لعملية نصب، من قبل دجالين، سودانيين ونيجيريين، ، تدخل المعزول البشير شخصيا وتم تسوية الأمر.

عاد إلي السودان بعد تلك الفضيحة، بعدها ذهب إلي دولة جزر القمر لملاحقة من نصبوا عليه فوقع في فخ آخر، حيث تم إختطافه، وتم تحريره بدفع فدية مالية من حر مال الشعب السوداني.

 بعد إندلاع الثورة وتكوين لجنة المفصولين حضر اللص القاتل الجنيد حسن الاحمر، لنادي الضباط بأم درمان، لسحب إستمارة أُعدت للضباط المحالين تعسفياً والمظلومين في العهد البائد بإعتباره من المفصولين المتضررين من آلة التمكين الكيزانية سيئة الذكر والتي أشرفت على عمليات فصل الآلاف من المهنيين والشرفاء من ضباط القوات المسلحة والتي كان هذا المجرم الجنيد على رأسها كونه كان اليد اليمنى للمجرم إبراهيم شمس الدين.

اللواء م/ الجنيد حسن الاحمر القاضي الرابع في محكمة ضباط انقلاب 28 رمضان وأول مؤسس لجنجويد المسيرية في حرب الجنوب.

تمركزت القوة المشار إليها سابقا والتي هاجمت معسكر الدعم السريع في المدينة الرياضية في معسكر الباقير منذ الجمعة 14 أبريل في إنتظار ساعة الصفر.

العميد عثمان كباشي هو أحد قادة القوة التي هاجمت مقر قوات الدعم السريع بالمدينة الرياضية بأوامر وتنسيق من "علي كرتي والجنيد وعثمان الأمين"، وقد أصيب في كتفه أثناء الهجوم من قبل قناصة يتبعون للدعم السريع في الهجوم على معسكر سركاب التابع للدعم السريع في 16 أبريل 2023.


كل ما ذكر أعلاه يؤكد أن هناك مجموعة داخل القوات المسلحة يقودها الإسلاميين فرضت الحرب على القوات المسلحة وقيادتها المجرمة مما أحدث ربكة واضحة في الأيام الأولى وإحدى الدلالات إعتقال مفتش عام الجيش من قبل الدعم السريع وهو متوجه إلى مكتبه بالقيادة العامة، إذاً ما حدث هو خيانة ومخالفة لقوانين القوات المسلحة ولا بد من التحقيق ومحاسبة الجميع بمن فيهم قيادة القوات المسلحة وقادة هيئة الأركان بتهمة التقصير والتغافل والإهمال، هذا غير جرائمهم السابقة بل تأكيد، لذلك نجد قيادة الدعم السريع على الدوام ترحب بتشكيل اللجنة الدولية لتقصي الحقائق والتحقيق في الإنتهاكات والجرائم لتبرئ نفسها من تهمة إشعال الحرب، وهي تؤكد على الدوام إستعدادها للتعامل مع اللجنة في الوقت الذي ترفض فيه القوات المسلحة اللجنة المسؤولة عن التحقيق في من أشعل الحرب وفي الإنتهاكات المرتكبة فيها رغماً أن "الطرطور" قائد الجيش قد وقف أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (78) بنيويورك في الفترة من 20 وحتى 25 سبتمبر 2023 مطالباً بتصنيف الدعم السريع مؤسسة إرهابية!! (3).


- الأمر الثاني الذي يستدل به أنصار الجيش لإثبات أن الدعم السريع هو من بدأ الحرب هي القوة التي تحركت في 13 أبريل 2023 وإتجهت لمدينة مروي في أقصى الشمال والتي مثلت ذروة تفجر وظهور الصراع المكتوم بين الدعم السريع والقوات المسلحة إلى السطح، وهذا الأمر الإجابة عليه وتفنيده ودحضه كدليل على تخطيط الدعم السريع للإنقلاب هو ببساطة المقدرات والإمكانيات الإستخباراتية والمهنية التي طورتها قيادة هذه القوات والتي مكنتها من شراء ذمم الكثير من ضباط القوات المسلحة الفاسدين والمتأسلمين وعديمي التأهيل، مما مكنها من إحداث إختراق كبير والتفوق على القوات المسلحة في ذلك ومن رصد التحركات داخلها فكانت وأضحت بالتالي تحركات الإسلاميين داخل الجيش مكشوفة لهم، فكان تحركهم نحو مروي إستشعاراً لخطر تلك التحركات، وهي تعر ف أن في حالة إندلاع الحرب فإن السلاح الذي سيجعل الجيش متفوق عليها ويشكل خطر كبير على قواتها هو سلاح الطيران الذي لا يمتلكونه وبالتالي من الطبيعي والمهم تحييد ولو جزء من ذلك السلاح، لذلك تحركت تلك القوة للسيطرة لتحييد القوة المشتركة السودانية المصرية المتواجدة في قاعدة مروي العسكرية من أن يكون لها أي دور في حالة إندلاع الحرب التي يخطط لها الإسلاميين داخل الجيش المسيطر عليه من قبلهم سيطرة كاملة أكدتها مجريات الحرب ودلالاتها الماثلة طوال العام منذ 15 أبريل 2023، والتي أكدت أيضاً تفوق الدعم السريع وتمتعه بدرجة تأهيل أعلى من القوات المسلحة في الوقت الذي تمارس فيه القوات المسلحة التضليل والتغييب لضباط صفها وجنودها وترمي بهم في معارك تكتيكية فاشلة تهدف منها لتوظيفها سياسياً لمساعدة حملتها الإعلامية التي تهدف للكسب السياسي عبر التضليل والإيهام بأنها تمتلك مقدرة ما على حسم الدعم السريع والقضاء عليه ولكسب الوقت لإطالة أمد الحرب وهو مخطط الإسلاميين الذي يرفع شعار (يا فيها يا نطفيها) أو كما قال أرجلهم المدعو أنس عمر: (البلد دي الإسلاميين موجودين فيها بياكلوا ويشربوا وأحياء بتنفسوا الشيطان الرجيم أولياءه، أبليس وأحباءه وأعزاءه لن يملوا على حركة الإسلام شيء لا تريده، لن يسود المشروع العلماني جاء من جاء به لن يسود علينا ولن يملى علينا ولن يفرض علينا وفينا نفسٌ وفينا عينٌ تطرف، علم ذلك من علم وجهل ذلك من جهل...) (4).


 
- الأمر الثالث هو التحشيد من قبل الطرفين وخاصة الدعم السريع فقد كان تحشيده وتجهيزاته الأوضح والأعلى وهذا في تقديري يرجع لما أشرت إليه من يقظة قيادة الدعم السريع وتمتعها بمقدرات مهنية أعلى وهو كما أشرت أيضاً سابقاً تؤكده مجريات الحرب والتفوق الواضح للدعم السريع، هذا غير أمر الإختراق الكبير داخل القوات المسلحة لصالح الدعم السريع وأيادي العبث والتآمر التي قادتها الحركة الإسلامية داخل الجيش المسيطر عليه هيكلياً وتنظيمياً من قبلها.


- الأمر الرابع والأخير هو ما يسوغه البعض من مناصري الجيش من أن قيادات القوات المسلحة ممثلين في البرهان تحديداً وكباشي والعطا وجابر جميعهم يتعاونون وينسقون مع قيادة الدعم السريع، وهذا أمر قد يكون له شواهده والمعلومات التي تزيد درجة الشبهة حوله، ولكن في تقديري أن هذا التعاون يتم بدافع وفي إطار المحافظة على المصالح والمنهوبات الشخصية لبعض هؤلاء القادة، أما الصراع السياسي وحيثياته فهي موجوده وحقيقية والتداخل موجود بين المجموعات المحيطة بالقيادتين "أي قيادة الدعم السريع وقيادة القوات المسلحة"، هذا غير سيطرة الإسلاميين الكبيرة على الجيش وهو أمر أكدته وأثبتته الوقائع الحالية وتواجد إسلاميين داخل الدعم السريع على مستويات عدة، صحيح أننا لا نعرف على وجه التحديد هل وجودهم ذلك داخل الدعم السريع تشكل دوافعه المصالح والطموحات الشخصية أو الإنحيازات القبلية أم أن في الأمر شيء آخر، ولكن بلا شك أن علاقات بعضهم بقيادات في الحركة الإسلامية متواصلة بشكل أو بآخر، عليه أوجه أسئلة مباشرة ومحددة لمناصري الجيش وهي:


n  ما هي وقائعكم أو إستدلالاتكم على وطنية الجيش أو توفر الحد الأدنى من الإستقلالية التي يجب توافرها في ظل عدم قيامه بأي دور من أدواره الوطنية إلا في إطار المحافظة على نفوذه السياسي والإقتصادي؟
n  مدى إمكانية فك السيطرة الكيزانية وسيطرة القيادات المذكورة أعلاه وغيرها من القيادات الفاسدة على الجيش، مع الأخد في الإعتبار النفوذ الإضافي الذي إمتلكته الحركة الإسلامية وتلك القيادات في هذه الحرب؟

الهدف الرئيسي من الإجابة على هذين السؤالين هو إثبات الادعاء بأن الجيش هو مؤسسة أو بمعنى أدق منظومة وطنية تخص جميع السودانيين وقادرة على القيام بأدوارها الوطنية والتي على رأسها حماية المواطنين وحماية الدستور وليست مجرد مليشيا تتبع للحركة الإسلامية كما يؤكد ذلك ما يعايشه أهلنا في مناطق سيطرة الجيش من إعتداءات وقتل وسلب ونهب وسرقة وإغتصاب للممتلكات والأعراض وغيرها من الإنتهاكات من قبل منسوبي الجيش ومستنفريهم، كما هو في مناطق سيطرة الأبن الشرعي الدعم السريع، ولا يظهر لي ضيق أفق ومستعبد ليقول لي أن حجم الإنتهاكات في مناطق الجيش ليست بنفس حجم إنتهاكات مناطق سيطرة الدعم السريع، لأننا يجب كما أشار د. الوليد مادبو في أحد لقاءاته على الجزيرة مباشر قائلاً "سجل الجيش السوداني سجل إجرامي بإمتياز والمفاضلة بين مجرمين إثنين (الجيش والدعم السريع) هي أمر غير أخلاقي" (5) .


في كل ما سبق إستخدمت دلالات ووقائع غير التي ذكرها حميدتي والحرية والتغيير عن خلفيات ما جرى خلف الغرف المغلقة والهواتف والجوالات، بإعتبار التشكييك الذي طال تلك الروايات والمعلومات، رغماً عن أن شواهدها وشهودها موجودين ومن الممكن إستدعائهم والتحقق من إدعائاتهم والمعلومات التي أدلوا بها، والتي في تقديري على الأقل جزء كبير منها صحيح.


تجدر الإشارة إلى أن ما ورد في هذا المقال هو تحليل يستند على المعلومات والوقائع والدلالات ومن الطبيعي أن يكون فيه بعض التقديرات الخاطئة أو الغير صحيحة كلياً ولكنه يسلط الضوء ويفجر أسئلة مهمة ومحورية.


محمد عمر محمد الخير
الأربعاء 01 مايو 2024م

 

مراجع:
 (1) مصدر الخبر
https://www.aljazeera.net/news/2023/4/15/%D8%AA%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86
 (2)
بيان من صفحة القوات المسلحة على الفيسبوك
https://www.facebook.com/sudanese.armed.forces/posts/pfbid0sgdPfiw6UwjcqaLjQYLrjNF7vSgnz7h2ddAPqKvvCfBKwNFuwTqBHKsHQzBT53f2l
 (3)
مصدر لخبر ترأس البرهان لوفد السودان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة
https://arabic.news.cn/20230906/b3d5c998a9834796b3b1d78ee7834976/c.html
 (4)
من خطاب لـ "أنس عمر" في إفطار كتيبة البراء بن مالك بتاريخ رمضان الموافق
https://www.facebook.com/share/v/jHcsyPrfC9k2bueM/?mibextid=sPqcTx
 (5)
لقاء على الجزيرة مباشر
https://www.facebook.com/share/v/R37hvEFbw6xDNGWE/?mibextid=QwDbR1

https://conscious-screams.blogspot.com/2024/05/blog-post.html

الخميس، 15 يونيو 2023

لا للحرب وألف لا....


الجنينة تصرخ بعد أن دفعت أرواح الالاف من مواطنيها ثمناً غالياً نتاج مغامرة صبيانية من الكيزان وجيشهم، فإذا إستبعدنا النظر لما حدث صبيحة 15 أبريل 2023م من هجوم على معسكرات الدعم السريع حتى نأتي لإثبات ذلك بالأدلة والقرائن في مقبل الأيام، فإن ما حدث في الجنينة هو أن الفرقة 15 مشاة التي تقع معسكراتها خارج المدينة في الوحدة الإدارية أردمتا شمال شرق الجنينة قد قامت بالهجوم على معسكر الدعم السريع في غرب الجنينة.
إن أبلغ تحليل ووصف لسلوك الجيش السوداني بإلتزامه بحماية مقاره فقط، تاركاً المواطنين الذين من واجبه حمايتهم للمليشيات التي صنعها والمجرمين الذين أطلق سراحهم هو وصف د. سبنا إمام، في الحوار الذي أجرته معها قناة سودان بكرة خلال شهر مايو 2023م في وقت كانت الحرب قد دخلت أيامها الأربعين، وقد وصفت ذلك السلوك بأن الجيش يحافظ على تواجده في ثكناته ولم يخرج لحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم لأن أرواح المواطنين ليست من أولوياته بل المهم لديه هو الحفاظ على قواته وقوته التي من خلالهما سيضمن ويؤمن نفوذه السياسي والإقتصادي. وهذا ما تؤكده الوقائع والشواهد فجيشنا الهمام لم يصدر حتى بيان عن ما يحدث في دارفور من فظائع ويركز كل إهتمامه الإعلامي على الخرطوم محتفلاً بالإستيلاء على عربة بوكس مرة ومستعرضاً لما أسماه "جانب من استعراض لعناصر من شرطة تأمين الموانئ البحرية بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر" مرة أخرى، ويخرج لنا من وقت لآخر صعاليقه من القادة الخونة والأقزام من أمثال البرهان وكباشي والعطا مطلقين لأحاديث يملؤها الكذب والتراهات. إن من يتقاعس عن دوره المهني والوطني في حماية وطنه ومواطنيه هو خائن بلا أدنى شك. ومن الغريب بل والمفزع أن يصدر الدعم السريع عدة بيانات يدين فيها ما يحدث في دارفور وفي الجنينة خصوصا في ظل صمت تام للجيش داعياً لتشكيل لجنة عاجلة بين جميع الأطراف القبلية المتقاتلة والمجتمعات الأخرى للتواصل والتنسيق مع قوات الدعم السريع والقوات المسلحة من أجل تهدئة الأوضاع والمساعدة في توصيل المساعدات الانسانية للمدنيين، كما دعى لتشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء الأزمة وكشف المتورطين فيها، وقال إن وفده المفاوض بمدينة جده تقدم بطلب منذ أكثر من عشرة ايام للحصول على موافقة من القوات المسلحة بفتح مطار الجنينة من أجل تسيير جسر جوي من المساعدات الانسانية للمواطنين واشارت إلى مساعي مستمرة لتوصيل المساعدات براً إلى الجنينة وكافة مدن دارفور بالتنسيق مع المجتمعات المحلية. ودعت مكونات غرب دارفور للتأسي بالمبادرات في الضعين، ونيالا، والفاشر، والأبيض. (1)
فأي جيش هذا الذي يعتقد البعض أنه جيش السودان وليس جيش الكيزان؟!
وواضح تماما أن والي غرب دارفور الذي قتل قبل ساعات بطريقة بشعة بواسطة قوات الدعم السريع بعد تداول فيديو إعتقاله، قد فعل ما حاولت فعله مليشيا الجيش السوداني وذلك في دعواتها لتسليح المواطنين في العاصمة الخرطوم تحت دعاوي حماية النفس والعرض والممتلكات وقد أدت هذه الجريمة التي إرتكبها لتحويل الحرب بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع لمواجهات مفتوحة بين الجميع داخل مدينة الجنينة، وعلى الرغم من أننا لا ندري بشكل قاطع ما الذي حدث ولكن من الواضح أن الصراع فيها قد أخذ منحى قبلي بعد أن أضحى السلاح في يد جميع المواطنين خاصة وأن مدينة الجنينة، قد شهدت قبل أقل من أربعة أشهر، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أحداثاً قبلية دامية مماثلة(2)، بين مكوني العرب و"المساليت" من ساكنيها، أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 83 قتيلاً و160 جريحاً وقد شاهد الجميع فيديو قام بتسجيله أحد المواطنين بتاريخ 24 مايو موثقاً خبر فتح مخازن السلاح للمواطنين للتسلح وقد ظهر في الفيديو عدد كبير أغلبهم من الأطفال والنساء يتحركون ذهاباً ويأتون مسلحين بالبنادق (3) وهو ما أكده والي غرب دارفور بنفسه في تصريحاته لـصحيفة ـ"اندبندنت عربية" بتاريخ 9 يونيو 2023م برواية أخرى تفيد بأن المواطنين قد قاموا بكسر مخازن السلاح الخاصة بالشرطة وقاموا بالتسلح، فبالله عليكم هل هذا كلام يمكن تصديقه؟! وقد حملت تصريحاته تلك تناقضات كبيرة، فهو في بادئ الأمر أفاد بالآتي (نفى أبكر في تصريح أن تكون جهة معينة قامت بتسليح المواطنين، وإنما اشتروا السلاح بحر مالهم للدفاع عن النفس والعرض والأرض، ويواصل قائلا: كما أنه ومع بداية الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع تجمعت مجموعات قبلية كبيرة جداً من خارج الحدود وهجمت على المدينة من الناحية الجنوبية لأحياء (الجبل والتضامن والثورة والزهور) وحرقت كل مراكز الإيواء التي يسكن فيها النازحون بعد حرق قراهم عام 2003).
وفي نفس التصريح عاد ليقول:
(وأوضح أنه أمام هذا الهجوم الغادر والقتل الانتقائي تحرك بعض المتضررين وكسروا مخازن سلاح الشرطة واشتبكوا مع الميليشيات التي استباحت جنوب المدينة بمؤسساتها وبيوتها وأهلها وبمعاونة بعض القيادات الأهلية والدعم السريع، إذ استهدفوا قتل الشباب في منازلهم..). ويتضح تماما حجم التناقض في حديث السيد الوالي. فأين كانت الشرطة عندما إقتحم المواطنين مخازنها حسب إدعاء الوالي؟!
هذا غير أنه في نفس التصريحات أفاد بالآتي:
(كما كشف أبكر عن أن الميليشيات التي ما زالت تحاصر المدينة تابعة لقوات الدعم السريع، التي تساند مجموعة كبيرة من القبائل العربية بدافع الانتقام وتأجيج الصراع القبلي وبمعاونة إدارات أهلية من ذات المجموعات الساكنة الناحية الجنوبية لأحياء جنوب الجنينة وحرقت كل مراكز الإيواء التي يسكن فيها النازحون الذين هجروا قسراً من قراهم الأصلية في عام 2003)، ليأتي قبل ساعات من مقتله في الساعات الأولى من صباح 15 يونيو 2023م ليصرح في مقابلة تلفونية مع قناة الحدث بما ينافي تماما تصريحه السابق والذي أكد من خلاله أن القتال قد أخذ شكلاً قبلياً، وقد قال التالي في رده على سؤال المذيعة عن أنه هناك حديث عن أن طبيعة الصراع قبلي بين المساليت والقبائل العربية وهو ما أكده في تصريحه الأول للصحيفة، وقد قال في رده ذلك:
(هذا كلام غير صحيح لأن بداية المشكلة بدأت بين القوات المسلحة والدعم السريع في الموقع بتاع القوات المشتركة ومن هناك إنتقلت المعارك في مواقع يسكن فيهو قبائل المساليت، لكن اليوم الجنينة من الصباح كلو مستباحة ليس المساليت فقط إنما معظم القبائل الموجودة في الولاية تم إستهدافهم تماما من قبل قوات الدعم السريع والمليشيات المتعاونة معهم، اليوم الجنينة كلها إدمرت بالأحياء المختلفة كلها إدمرت، لذلك هذه المسألة ما مسألة مشكلة فعلية بين العرب والمساليت هذا كلا غير صحيح).
وقد إضطر السيد الوالي بعد أن ضاقت به السبل بفضح الجيش السوداني ومهاجمة الحكومة المركزية وحاكم الأقليم في رده على المذيعة بعد سؤالها له عن أن حكومة أقليم دارفور قالت أنها لديها إجراءات أمنية لضبط الوضع وفي قوات مشتركة من الإقليم خرجت وأنتشرت فقط في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور صحيح هذا الكلام ولماذا تنتشر فقط في الفاشر، لماذا لاتذهب إلى الجنينة وتحاول أن تحمي المدنيين؟ وقد رد قائلاً :
(والله نأسف جداً عندما نتكلم عن إقليم دارفور كأن الجنينة خارج إطار إقليم دارفور، لأنه إحنا تحدثنا كتير جداً مع الحكومة المركزية مجلس السيادة بما في ذلك حاكم الإقليم احنا تكلمنا معه من قبل شهر ولغايت هسي ما في أي إستجابة من حكومة الإقليم ولا حكومة المركز).
الجيش السوداني له تواجد في الجنينة، له معسكرات في منطقة اردمتا، لغايت هسي الجيش لم ينخرط في القتال، لم يحاول إيقاف قوات الدعم السريع ونتهاكاتها المدنية في الجنينة، أين تقع أردمتا؟
(نحن نستغرب جداً من الموقع الأنا بتحدث فيو حوالي 7 كيلو يوجد قيادة الفرقة 15 مشاة، بكل أسف لا يستطيع يخرج من مكانو على الأقل يفرض هيبة الدولة في هذه الولاية وتحدثنا كثيراً في هذا الصدد والمسألة دي إستمرت 57 يوم ما رأينا خروج قوات الشعب المسلحة من ثكناتهم، على الأقل تدافع عن المواطنين). وهذا يعيدنا لحديث الدكتورة/ سبنا إمام في تحليلها لماذا الجيش لم ينتشر لحماية الشعب، ويجعلنا نتسائل ما دام أن الحرب بدأت بين الجيش والدعم السريع، أين ذهبت قوات الجيش تاركة المواطنين للإحتراب القلي وهجمات قوات الجنجويد في إعادة لأحداث الإبادة الجماعية التي إستمرت في دارفور منذ العام 2003م بحرق القرى والقتل على أساس عرقي وغيرها من الإنتهاكات.
ويعترف أخيرا بشكل غير مباشر مبررا جريمته الكبرى التي أدت لهذا الوضع المأساوي بموت وإصابة الالاف ونزوح أعداد لا يعرف أعدادها، عندما سألته المذيع عن هل بعض المواطنين مسلح أم غير مسلح؟
ليجيب: (المواطنين مجبورين يتسلحوا على الأقل يدافع عن نفسو، يدافع عن أسرته ولكن مقارنة بتسليح الدعم السريع والمليشيات كلها مختلف تماماً عن التسليح بتاع المواطنين)(4).
أتضح تماما أن هذه الحرب لا يمكن لأحد الأطراف حسمها لصالحه وسينتهي الأمر بالتفاوض لأن موازين القوة بين الطرفين متقاربة وهذا ما دفعنا للتسائل منذ الأيام الأولى لإندلاع الحرب بأنه هل يمكن القضاء على الدعم السريع دون تكلفة بشرية عالية؟
وهل لو تم القضاء على الدعم السريع في الخرطوم، لن ينتقل الإحتراب لمنطقة نفوذ المليشيا في دارفور المنهكة؟، وهو الشئ الذي حدث حتى قبل حسم المعركة في الخرطوم.
ذلك غير مخاطر أن يتحول السودان لمنطقة صراع عالمي مسلح كما حدث في ليبيا وسوريا خاصة وأن فاغنر موجودة في السودان وليبيا وحميدتي وحفتر مرتبطين معها بمصالح وعلاقات وطيدة ذلك غير أنها إنسحبت من قواتها من أوكرانيا ومن الممكن توظيفهم في السودان الذي سيكون بالنسبة لهم كنزهة ترفيهية وبالتأكيد لن تصمت أمريكا.
الأمر لا يحتمل نظرة عاطفية مملوءة بأمل التخلص من المليشيا المجرمة.. لا بد من نظرة واقعية وعقلانية مدعمة بالتحليل السليم لكل السيناريوهات في كل حالة ولإمكانيات كل طرف. وغير ذلك ألم تشارك القوات المسلحة في إنشاء هذه المليشيا للقيام بإسنادها وإرتكاب جرائم الحرب ضد المدنيين، فليس من المنطق والعقل نسيان هذه الحقائق ليصبح الجيش فجأة من جهة ظلت تمارس الجرائم ضد شعبها إلى جهة وطنية.
وقبل أن أختم أطرح سؤالاً لمناصري الجيش هل ما يقوم به الجيش الآن من جرائم وإنتهاكات وتخلي عن دوره الرئيسي في حماية المواطنين هو عمل يتسق مع أدنى حد من الأخلاق والمهنية؟، وكيف يمكنني تأييد جيش لا يحميني ويعسكر في ثكناته التي طالبته القوى الثورة مراراً وتكراراً للرجوع اليها والقيام بدوره المهني والإبتعاد عن تغوله في السياسة والذي أوصله لهذه المرحلة المخزية من الضعف وجلعت منه مطيه للإسلامين المأفونين، واهم من ظن أن الكيزان لهم أدنى درجة من الوطنية أو الأخلاق وأنهم يمكن أن يتوانوا عن إحراق البلد بأكملها بمنطق "ولترق كل الدماء" وما نراه اليوم من الجيش هو نفس السلوك الذي ظل يمارسه طوال عهد الإنقاذ، هذا غير إعتقاله لثلاثة أعضاء من لجان مقاومة بحري وثلاثة من لجان مقاومة مروي دون ذكر أي سبب.
لكل ذلك لا بد لقوى الثورة من تفهم الموقف والتحرك لخلق تحالف وطني عريض يستطيع أن يكون فاعل في المشهد حتى يجبر المجتمع الدولي للتدخل وإيقاف عبث الطرفين وإلتقاط المبادرة لإقصاء الجيش من الحياة السياسية وإعادة هيكلته وبناءه على أسس وطنية ووفق الدور المنوط بأي جيش في دولة ديمقراطية، إضافة لإنهاء عملية إختطاف صوتها عبر التنظيمات السياسية المجرمة والتي تصطف متحالفة مع جانبي الصراع.
قريباً خلال الأيام المقبلة سأكتب مقالاً حول الشواهد والأدلة التي تثبت أن الكيزان أعداء الله هم من قاموا بإشعال هذه الحرب.
محمد عمر محمدالخير
الخميس 15 يونيو 2023م

 قريباً خلال الأيام المقبلة سأكتب مقالاً حول الشواهد والأدلة التي تثبت أن الكيزان أعداء الله هم من قاموا بإشعال هذه الحرب.

مراجع:

(1)   الجنينة.. كارثة إنسانية وحصار محكم – تقرير لـ "راديو دبنقا" بتاريخ 14 يونيو 2023م

https://www.dabangasudan.org/ar/all-news/article/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d9%8a%d9%86%d8%a9-%d9%83%d8%a7%d8%b1%d8%ab%d8%a9-%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%88-%d8%ad%d8%b5%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%83%d9%85

(2)   معارك الخرطوم تجعل مدينة الجنينة أشبه "بـ" قبر كبير – تقرير لـ "اندبندنت عربية" بتاريخ 9 يونيو 2023م

 https://www.independentarabia.com/node/460906/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D9%85%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AA/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%B7%D9%88%D9%85-%D8%AA%D8%AC%D8%B9%D9%84-%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A3%D8%B4%D8%A8%D9%87-%D8%A8%D9%80%D9%82%D8%A8%D8%B1-%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1 7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A3%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%B9-%D9%85%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D8%B4%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%85%D8%A9-%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%B1

(3)   فيديو تسليح المواطنين نقلا عن راديو دبنقا

https://www.facebook.com/DabangaRadio/posts/pfbid034Hjo3P7a93QrpqYo9gBrDjpAawwLRmTKKBM7898V3nT7GRDN5MuzDoUbsWRMrwXjl?__cft__[0]=AZXYwkzq-wpUFcyTQpY74g4ZcOoGI1RfuhETOQMcIEObqlNDwwvBKpa7DL14mmE_8uZhmWxE_nTClRW_DezaeA5S6e5P4zllO8sojbW4f5AW_muItqR-YnHbKLRYjSUmqGLGbyQNg9hQArglud4SByZ3hhw7rdw9AujytY1u2nOL-hZ1WpdvBce7MahjVvd413s&__tn__=%2CO%2CP-R

 

(4)   فيديو مقابلة قناة الحدث مع والي غرب دارفور

https://www.facebook.com/FreedomWneed/posts/pfbid02thkTBbkwowhPQizkLEfiWhif2HtWciDTDZUKuMgm2d7X3mqamQ1TW9mhqsYXhDS3l?__cft__[0]=AZXwpwBKBpg1scTRUSkCDAiBaaibuocgNaeNeLk1g6_4fE6vXVjg7Ki2RgkfyvOvfHWqWUq7NPL7iDFU3Hb1nGkl_Q-WkJB856qfCIf-cvxxY_LooJMikJdUyeU1BK1Tn7nFBlrMPnxyCZrvXgjyhx0KQUZjFZ0aggEfr56jvXj2viqlXxjdBCsSKMFR_UxpsHjmS-yU60Dm2_Av9UftBaho&__tn__=%2CO%2CP-R

  


الخميس، 8 سبتمبر 2022

في شأن الثورة والمستقبل



كنت في السنوات العديدة السابقة وحتى فيما بعد إندلاع أحداث ثورة ديسمبر المجيدة (فهي محطة مهمة ومفصلية في مسار الثورة السودانية المندلعة منذ أكثر من قرن من الزمان، أكثر من نصفها هي مد وسعي للتقدم والإنعتاق الحر) أمر بحالات إكتئاب مظلمة وقميئة أو كما وصفه تشرشل بـ "الكلب الأسود"، وقد كان خير مؤازر ومذكرلي هو الصديق العزيز "عادل بدر" الذي كان لا يفتأ يذكرني بأستاذنا الراحل العظيم/ تاج السر مكي وبأنه كان رجل لا يأتيه اليأس ولا القنوط لا من خلفه ولا من أمامه وهي - في تقديري - حصانة لا يستطيع إكتسابها الجميع بنفس القوة والثبات اللذان تمتع بهما عزيزنا الراحل/ السر، ويسهب الصديق "عادل" بأن أستاذنا كان شخصاً متفائلاً وواثقاً من مقدرات وأصالة معدن الشعب السوداني. وبالتأكيد فإن هذه الروح والقناعة في تقديري لا تًبدُر إلا من شخص عالي الذكاء، عميق التفكير والتدبر والإستقراء وعظيم المشاعر الإنسانية النبيلة، وكلها إجتمعت في راحلنا المقيم/  السر وفي رجال عظماء آخرين أذكر منهم أعمامنا وأساتذتنا صالح عركي صالح، محمد إبراهيم عبده (كبج)، فيصل مسلم ، محمد علي محسي وحسبو إبراهيم وآخرين ممن لم تسع الذاكرة لذكرهم، رحم الله من رحل منهم ومتع من على قيد الحياة بالصحة والعافية لمواصلة مشوار المد الإنساني العظيم.

هذه المقدمة المغزى وراءها أن تكون خلفية للحديث عن واقع حال الثورة السودانية ومستقبلها. وهو مستقبل واعد رغم ما يحف الطريق من عقبات وضباب، فالتاريخ يحكي ويؤكد مقولة الشاعر التونسي العظيم أبوالقاسم الشابي بأن:

إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ       فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي              ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ      تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ

فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ        من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ

كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ           وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ

ودَمْدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجاجِ     وفوقَ الجبالِ وتحتَ الشَّجرْ

إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ          رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ

ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ       ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ

ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ      يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ

******

وأُعْلِنَ في الكونِ أنَّ الطّموحَ   لهيبُ الحَيَاةِ ورُوحُ الظَّفَرْ

إِذا طَمَحَتْ للحَياةِ النُّفوسُ    فلا بُدَّ أنْ يستجيبَ القَدَرْ

وعطفاً على هذه الأبيات المجيدة وبنظرة عامة نجد أن أعداد من يلتفون حول الثورة اليوم أضعاف الأعداد في كل تاريخنا النضالي وإن أهم عنصر وهو تنامي الوعي قد توطد عبر توسع منصات الوعي الشعبي أكثر من أي وقت مضى .

وفي سبيل تحقيق أهداف وتطلعات الشعب السوداني في بناء دولة الحرية والسلام والعدالة والمؤسسات قبل كل ذلك، فإننا نحتاج إلى التأسيس السليم والصحيح لتنظيمات سياسية ضاربة الجذور في المجتمع وعلى أسس تتنافى كلياً وأسس التنظيمات التي ولدت طوال تاريخنا السياسي الحديث. وذلك لا يتأتى إلا بعزيمة وإيمان كوادر نوعية شديدة الوفاء لقضية الوطن، وتتمتع بإخلاق ومقدرات وآفاق عالية للغاية.

أخيراً، إن ما حدث في أكتوبر 2021 والذي أطلق عليه "القحاته" بالإنقلاب، إنما هو إنقلاب ضد القحاته.

أما من وجهة نظرنا نحن كثوار فإن ما حدث ليس سوى فصل جديد من فصول الإنقلاب على الثورة السودانية الذي قادته "قحت" (التي تمثل الوكيل الحصري لجميع المشاريع المعادية لمصالح الشعب السوداني) نفسها بإتفاقها الهزيل مع لجنة البشير الأمنية والتي وراءها كانت وما زالت دول مثلث المحور الخليجي. إن أهم نقطة يجب الوقوف عندها ومن ثم الإنطلاق مره أخرى هي أن جميع التنظيمات السياسية الموجودة في الساحة السودانية الآن بإستثناء "حركة جيش تحرير السودان – جناح عبدالواحد محمد أحمد النور" غير مؤهلة للمضي بالسودان قيد أُنمله. بهذا الشكل وإنطلاقاً من هذا الصياغ يجب التعامل مع المشهد السياسي السوداني حتى ننطلق من رؤية وأساس سليم ودقيق.

محمد عمر محمدالخير

في الجمعة 09 سبتمبر 2022م

 

 

  

الأربعاء، 25 مايو 2022

وداعاً العملاق محمد إبراهيم عبده كبج (فارس الحوبه)


 

تحتم المسؤولية الأخلاقية والإنسانية أن نكتب في محاولة متواضعة – بلا شك – لإيفاء الراحل العملاق أستاذنا محمد إبراهيم عبده الشهير بـ (كبج) جزء من حقه الكبير على شعبنا.

ولو كان في سوداننا إعلاء لقيم الوفاء والشكر والتقدير لكان أمثال العظيم كبج تغني تمجيداً لهم الفنانات والحكامات ويفخرن به شاعرات الحماسة كما في تراثنا التليد، ولكنا سمعنا أغنيات وكلمات من شاكلة "كبج ي فارس الحوبه" وغيرها. ولكن للأسف ما زال نكران الجميل وغياب قيم الوفاء والتقدير بعيدة بقدر كبير عن مجتمعاتنا التي لا تستطيع التمييز بين أبناءها الذين يستحقون الإحتفاء والوفاء والتكريم وبين أولئك الغوغائيين عالي الصوت والأبعد إستحقاقاً للتكريم والوفاء والإحتفاء، حتى المدعين بأنهم طليعة تقدمية هم أبعد ما يكونوا كذلك، فالشخص التقدمي يجب عليه أن يلتزم بحد أدنى من القيم الأخلاقية والإنسانية، وهو ما ليس متوفراً لدى طلائعنا المدعية التقدم والإستنارة.

ولد العظيم محمد إبراهيم عبده كبج في العام 1939م في حي العبابدة بأمدرمان وتلقى تعليمه في مدارسها المختلفة حتى إلتحاقه بجامعة الخرطوم أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.

في أوائل الستينات توجه الشاب محمد إبراهيم عبده كبج نحو محطة الوطن الكبير عطبرة والتي كانت حينها تفيض نشاطاً ونضالاً ضد ديكتاتورية عبود، قادماً من العاصمة الوطنية أمدرمان حاملاً قيمها وتراثها، مبعوثاً لإستكمال فترة دراسته التطبيقية في كلية الهندسة جامعة الخرطوم ولكنه ما أن وصل هناك حتى ركل ذلك الترف في سبيل التصدي لبناء الوطن محترفاً العمل السياسي كمتفرغ في صفوف الحزب الشيوعي السوداني الذي كان منارة من منارات التقدم والعمل الوطني في ذلك الوقت أو هكذا بدأ للجميع حينها، ومن ثم سافر في مهمة عمل سرية للأبيض ومكث هناك عامان يعمل متخفياً لدعم الثورة التي كانت تتشكل وتنضج، قبض عليه هناك وقدم لمحاكمة عسكرية هو وآخرين وحكم عليه بالسجن (6) سنوات وخرج في أعقاب ثورة أكتوبرالمجيدة، وعاد لعطبرة والتي عاش فيها بتواضع ونكران ذات وإستطاع بشخصيته المميزة أن يخلق علاقات عميقة مميزة وممتدة وأضحى أحد أبناء عطبرة الأصيليين، وإستطاع تحقيق إختراقات سياسية كبيرة أهلته ليصبح عضو لجنة مركزية وسكرتيرأً للإقليم الشمالي ومرشحاً في الديمقراطية الثانية لعضوية البرلمان والتي لم يتوج لها للأسف وخسر الوطن إمكانيات هائلة.

كان كبج أحد أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثلاثة عشر الذين وصفتهم الآلة الإعلامية للحزب في العام 1970م وما تلاه من أعوام بأنهم إنقساميين تصفويين وبأنهم يمثلون الجناح اليميني في محاولة لإضفاء هذه الصفات على الحدث الذي وقع حينها والذي قسم الحزب إلى نصفين تماماً في ما عرف بإنقسام 70، (بل أن هناك حسب شهود معاصرين من كان في صف المجموعة قائدة الصراع والمعركة – من أعضاء اللجنة المركزية ذاتها - التي هدفت للخروج بالحزب من سيطرة الرجل الواحد والأيدلوجيا الصماء لرحاب المشروع الوطني التقدمي ولكن يبدو أنهم كانت لهم حسابات أخرى منعتهم من الإصطفاف والجهر بما يعتقدون) ذلك الإنقسام الذي كانت طبيعته ومنطلقاته فكرية ومنهجية محضة وليست من أجل السلطة كما سوقت مجموعة عبدالخالق بعد ذلك.

تزوج الراحل كبج من الأستاذة العظيمة/ آسيا في العام 1968م وقد كان والدها ملاحظ في السكة حديد في عطبرة وقد إلتقاها كبج هناك في خضم نضاله ونضالها كنقابية من أجل سودان متقدم وحر وديمقراطي، تصف السيدة/ آسيا مراسم زواجهما في عطبرة بأنها كانت أشبه بالمهرجان الضخم والكبير. ظلت السيدة/ آسيا مؤازة قوية للعظيم كبج حتى وفاته الفاجعة في 8 أبريل 2022م.

في العام 1972م أنتقل كبج وأسرته للعيش في أمدرمان مودعاً عطبرة وقد عمل بعد عودته لأمدرمان في شركة المحور برفقة د. حسن أحمد سليمان وسرعان ما حقق الكثير من النجاحات والإنجازات في العمل التجاري وأصبح شريكاً لـ د.حسن، وقد قال حينها لزوجته الفضلى الأستاذة آسيا: (إشتغلت من أجل العمال في عطبرة..) وقد كان ما قال فقد أشتهر بإنفاقه اللامحدود على العمل السياسي والنضال والعمال حتى وصل درجة أن خصص لعمال السكة حديد المفصولين في أوائل عهد الإنقاذ مرتبات شهرية منتظمة لمساعدتهم ودعمهم بعد أن فقدوا وظائفهم نتيجة مواقفهم السياسية والوطنية والمهنية.

تميز الراحل كبج في عمله التجاري مبتكراً في سوق الصادرات ومؤسساً للعديد من المشاريع والشركات والتي أبرزها حتى الآن شركة نيوتك وغيرها من الشركات التي وهبها لأصدقائه وتلامذته بالمجان ودون مقابل وكم من السيارات والممتلكات التي وهبها كبج لأصدقاء وموظفين عملوا معه، لقد كان كبج نموذج يصعب تكراره في التعامل مع المال وإنفاقه، فقد حكى لي الراحل العظيم تاج السر مكي كيف أن كبج كان مكتبه مفتوحاً لكل من يطلب المساعدة أو الدعم السياسي وقد كان مكتبه مثل عيادات الأطباء المجانية، مكتظ دوما بطلاب الحاجة والنقابيين والأصدقاء. وحكى لي أيضاً أحد من عمل لديه أنه كان يأتي للمكتب محمل بالأموال وفي نهاية اليوم يطلب منهم إعطائه حق البنزين... فأي رجل كان هذا الكبج المنفق بلا حدود أو سقوف…!!

كان الراحل مهتماً بالبحث العلمي ممولاً ومجرياً للكثير من الأبحاث في المجال الزراعي والإقتصادي. وقد دعم حتى دول جارة كأرتريا في ثوراتها ونضالها. وهو أحد مؤسسي الصرح الأهلي المعروف بجامعة أمدرمان الأهلية.

كان الراحل خبيراً إقتصادياً عظيماً تناول القضايا الإقتصادية بطرق مبتكرة ودقة أرقام وأبحاث أدهشت حتى أعدائه الإنقاذيين وقد نازلهم في عدة مؤتمرات عقدوها وكان يتميز بأنه بغض النظر عن الجهة القائمة بأمر أي فعالية فهو كان يشارك مقدماً حججه وإسهاماته البحثية بشجاعة وقوة. له العديد من المؤلفات والمقالات المنشورة في الإقتصاد والسياسة وله كتاب كان قيد الإعداد عن ثلاثون عاماً من إقتصاد الإنقاذ وحال تدهور صحته عن إكماله.

ولا نملك إلا أن نردد مع الشاعر التجاني حاج موسى:

 ابوي يا فارس الحوبه .. دخر السنين لينا
أكان للكرم والجود ضيف الهجعه عشينه
ويا الفاتت فضايله حدود يتيم الحله ربيناه
يا الضل الضليل ممدود عنوان الكرم بيته
يا ركازة المسنود فيضك ديمه ساقينا
ظاهر جوه وسط الناس يضوي فوق جبينه صلاح
قاهر في وشي الفراس مرنا ما بيعقبوا الراح
علما بحره ما بينقاس موشح بالفضيله سلاح
سيرتك باقيه لينا الساس وخالد للابد فينا

الا رحم الله العظيم الأستاذ والعم/ كبج بقدر ما قدم للوطن وقضاياه ومواطنيه وللإستنارة والتقدمية.

محمد عمر محمدالخير

الأربعاء 25 مايو 2022م

 


أضواء على ضلالات دعاة الحرب ومناصري الجيش

أكدت هذه الحرب بما لا يدع مجالاً للشك أن أزمة السودان تكمن في المقام الأول في نخبه ومتعلميه (الذين يتركز تعليم أغلبهم في إكتساب المهارات وا...