أكتوبر 21 وواقع اليوم
أكتوبر 21, 2020 | اخبار
أكتوبر 21 وواقع اليوم
يا لهب الثورة العملاقة ..
“يا ثوري الشارع الممتد
من أكتوبر ولطريق الغد”
من قصيدة ” عمق الفكر المتقدم” في رثاء أستاذنا/ تاج السر مكي أبوزيد.
لا يمكننا أن نكتب عن ثورة الشعب الجبارة في أكتوبر 64 دون ذكر أحد قادتها الأشاوس، رفيق وصديق شهيدها الأول أحمد القرشي طه وأخر من أسر له بكلماته الأخيرة… وهو الذي إمتد نضاله المستميت ماراً بـ (أبريل 85) وديسمبر 2018م وسيمتد نضاله الفكري بما ترك من إرث كتابي عظيم يحمل تحليلات موضوعية وحلول بناءه لقضايا وهموم شعبنا. تجسدت أسهامات أستاذنا/ تاج السر في مد ثوري وقيمي أصيل بمساهماته الثره في تلافي أخطاء ومصير أكتوبر التي وئدت مبكراً وتبعتها أبريل مبلوراً فكرة حراك الأحياء والعمل على تكوين قواعدها التي سميت لاحقاً بلجان المقاومة حريصاً على ضرورة خلق قاعدة اجتماعية داعمة للثورة تحميها وتحرسها.
بكل تأكيد لولا تجربتي أكتوبر 64 وأبريل 85 لما نضجت الثورة السودانية هذا النضوج الكمي على مستوى شرائح عديدة من مجتمعنا. ثورة ديسمبر 2018م هي إمتداد طبيعي وحتمي لثورة شعبنا في أكتوبر 64 والتضحيات التي قدمت في أكتوبر لا تقل بأي حال عما قدمه أحفاد أولئك الأشاوس الأبطال.
رغماً عما تعايشه الثورة الآن من انتكاسات ومواقف حرجة شديدة التعقيد والخطورة، فإن الثقة في أنها ستبلغ مشارف انتصارها الساحق والمستحق، ولتحقيق ذلك لا مناص من تفعيل وإشراك القوى الاجتماعية الحقيقية صاحبة المصلحة في التغيير والتي تصدت لمناهضة الديكتاتوريات على طول سنبينها العجاف وصولاً لمحطات ثورية مشهودة وبالتأكيد لن يقف مدها الثوري عند ثورة ديسمبر 2018م فالثورة لا محالة مستمرة منذ تسليم السلطة من قبل حزب الأمة للجنرال عبود في نوفمبر 58 منقلبين على الديمقراطية وعلى إرادة الشعب… أما خطأ الاعتماد على نفس القوى التي نتاج فشلها وانحطاطها ولا مبالاتها رمتنا في جب الإنقاذ الكريه وهم أيضاً لم يكونوا جزءاً فاعلاً في الفعل الثوري بل أغلبهم من أصحاب المواقف الرمادية والانتهازية وأولئك الذين يطبلون ويركبون الموجه الأعلى التي يمكنهم من خلالها تحقيق مصالحهم الذاتية والحزبية، هؤلاء لن يستطيعوا ولن يمكنهم أن يقدموا شيء كما هو الحال في ظل حكومة حمدوك الحالية وحاضنته السياسية، رغماً عن وجود جناح ثوري أصيل في الحاضنة ولكنه ضعيف وعاجز ولا يمت للواقع بصله بل رهين لماضي قد غمر.
إن حكومة حمدوك التي يفترض أنها حكومة للثورة تمارس العمل بالوكالة ضد الثورة، وما التضليل الذي مارسته في قضية رفع الدعم بادعائها أن الدعم يستفيد منه الأغنياء، هذا الادعاء تحري للكذب وإفك عظيم، فالمستفيد من الدعم هو جميع قطاعات الشعب السوداني والذين يبلغ عدد من هم تحت حد الفقر منهم حوالي (%65) من إجمالي مواطنيه وهي نسبة إحصائية قديمة من المؤكد ازديادها بنسبه أكبر بكثير خاصة عقب رفع الدعم (اسم الدلع والتضليل لزيادة الأسعار) الذي نفذته حكومة حمدوك مدعية أن الهدف من ذلك إعادة توجيه الدعم لمستحقيه ولقطاعي التعليم والصحة وهذا كذب كشفته خطوة إقالة وزير الثورة الوحيد د. أكرم التوم وزير الصحة الذي عزم وبدأ فعلياً في إعادة إحياء القطاع الصحي العام الذي دمرته عصابات الإنقاذ وتجارها وسماسرتها، إضافة لحملة التبرع (الشحده) لصالح طباعة الكتاب المدرسي الجديد بعد أن عجزت حكومة الثورة المدعاة عن طباعته، باختصار لا صحة دعمت ولا تعليم.
أما الحديث التخديري عن برامج للدعم النقدي فهذا (ضحك على الدقون) وغش، لأن هذا ببساطة يحتاج لمجهودات وميزانيات كبيرة لبناء قاعدة معلومات دقيقة يمكن الاعتماد عليها لإنشاء شبكة ضمان اجتماعي فاعلة وحقيقية، وليست كما هو الحال الآن في مصلحتي الضرائب والذكاة التي هي عبارة عن امتيازات لا يحصل عليها مستحقيها من مواطني دارفور المشردين ولا مواطني الشرق المفقرين وغيرهم من فقراء بلادنا، بل يحصل عليها الموظفين الفاسدين والمحاسيب والأقارب “وزولي وزولك”.
أما أمر الميزانية وبنود صرفها فهو حديث ذا شجون… فطبيعة الصرف الحكومي تبزيري وبذخي وغير رشيد – بل وهايف – ويشوبه الفساد البين وهي ممارسات قننتها الإنقاذ طوال سنين حكمها… فمثلاً لننظر لكمية السيارات الحكومية مهولة العدد والمتعددة الماركات والتي تجوب شوارع وفيافي البلاد (مع الإشارة بأن هناك سيارات تحمل لوحات ملاكي وهي مملوكة للحكومة) كامتيازات لأشخاص في غالبيتهم ليسوا بأكفاء وليست هناك ضرورة لتخصيص سيارات لهم، ولنتساءل كم تبلغ تكاليف الوقود وقطع الغيار وغيرها لهذه الكمية الكبيرة من السيارات؟ والتي تقوم بدفعها الحكومة من المال العام لتزيد بها الفوارق الاجتماعية بزيادة الأغنياء غنناً وإفقار الفقراء أكثر وأكثر وتغيب العدالة الاجتماعية والقانونية…!!؟
إن أغنى الدول وأكثرها تقدماً قد تجد رئيس الوزراء يجاورك في المترو أو تصادفه يقود دراجته في الطريق متجهاً لمكتبه… أما هنا حيث الأبهة والأمراض الاجتماعية المتمظهره في التفاخر الأجوف، فنجد أساطيل السيارات من مختلف الماركات الباهظة والزهيدة بل ونجد جهات تود أن تزيد عدد السيارات الفارغة من أدنى حوجة أو فائدة مرجوه كما تابعنا في حادثة طلب المجلس السيادي العسكري… أيضاً كيف يتم زيادة المرتبات بنسبة (%569) تقريباً “وهي نسبة فلكية” حسب تصريحات الحكومة والتي يؤكد خبراء بأنها بلغت (%383) فقط في حقيقتها (1) ولكن ذلك لا يغير في سؤالنا الذي نود طرحه شيء، فكيف لحكومة تعاني وجود عجز في الموازنة أن تقوم بزيادة مثل هذه لمصروفاتها؟ ولماذا التفريق بين منسوبي القطاع العام من غير المدنيين؟ فمنسوبي جهاز الشرطة حصلوا على نسبة زيادة في مرتباتهم لم تتعدى الـ (%225) على أعلى تقدير، ذلك غير منسوبي القطاع الخاص وهم قطاع كبير جداً.
يحق لنا وبما أننا بلد غني بالموارد أن نتساءل، أين هو الدعم للإنتاج الآن وكيف يتم ذلك والحكومة تتبع سياسات الفوضى الاقتصادية وروشتات صندوق النقد وبنكه الدوليين واللذان لم يقدما ولا تجربة واحدة ناجحة في أي من دول العالم..، بل المزيد من الإفقار والتبعية والارتهان للمنظومة الرأسمالية العالمية بتفاقم الدين الخارجي وتدهور العملة المحلية والقضاء على الإنتاج وتحويل المجتمعات لمجتمعات استهلاكية تستورد كل احتياجاتها من الخارج لفتح الأسواق أمام عصابات رأس المال التي يمثلها صندوق النقد وبنكه الدوليين ووكلائهم وصولاً لواقع يخدم جشعهم وانحطاطهم اللامتناهيين.
ختاماً باسم شهدائنا الأكارم وشعبنا المقهور نتساءل عن كيف لبلد مثل السودان أن تكون ميزانيته بها عجز وموارد البلاد من ذهب ويورانيوم وغيرهما تقوم بنهبها عصابة الجنجويد وحلفائها من العصابات الروسية وأجهزة الاستخبارات الإقليمية. وماذا حدث في أمر احتكار الجيش لسوق الصادرات وبناءه لإمبراطورية مالية لصالح القيادات الكبرى الفاسدة.
لا حل سوى الإطاحة بسطوة واحتكارية “قحت” بأن تكون الغلبة للقوى الثورية صاحبة المصلحة في التغيير وتحجيم نسبة مشاركة “قحت” في الحاضنة السياسية بما يناسب وزنها الحقيقي، وعلى لجان المقاومة والقوى الثورية الأخرى أن تنظم صفوفها وتخلق البديل المطلوب وتفارق خط الهتاف الحماسي التجييشي لخطوات عملية جادة ومؤسسة.
المجد لشهدائنا وثوارنا منذ فجر الثورة في أكتوبر 21 وحتى غد الثورة الآتي لا محالة.
مصادر:
1- من منشور لمعتصم أقرع على صفحته بالفيسبوك بتاريخ 16/08/2020م.
محمد عمر الخير
مصادر:
1- من منشور لمعتصم أقرع على صفحته بالفيسبوك بتاريخ 16/08/2020م.
http://shawarea.net/%d8%a3%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%a8%d8%b1-21-%d9%88%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85