الأحد، 20 ديسمبر 2020

حمدوك يكذب ويتحرى الكذب 1 - 2


أبرز ما قد لاحظه بكل تأكيد المشاهد الحصيف أن الأستاذة/ لمياء متوكل رغم مقدراتها وتاريخها المهني كمذيعة، لم تستطع إدارة حوار غير معلب مع السيد/ رئيس الوزراء أو حتى لا نظلم الأستاذة/ لمياء قد يكون ما أظهر حوارها بهذا الضعف هو الأسئلة المعدة مسبقاً ومتفق عليها وقبولها إجراء حوار معلب مقصود منه إعادة زخم شعبي - لن يعود - للسيد/حمدوك، وهذا يتضح في عدة لقطات تمت لها عمليات مونتاج أخل بالمادة المعروضة.
إن السيد/ رئيس الوزراء يكذب ويتحرى الكذب وهو ما انكشف قبل فترة ليست بالقصيرة في منعرجات عديدة خاصة منذ لقاء عنتبي، وأكده بما لا يدع مجال للشك الحوار موضوع التناول. لا شك أن السيد/ عبدالله حمدوك رئيس الوزراء يمتلك قدرة عالية – ككل مدعي التثقف السودانيين – في الحديث المنمق والتنظير وفلسفت الأمور (السواقة بالخلا) ولوي عنق الحقائق والوقائع وهذا بالضبط ما قام به السيد/ حمدوك في لقائه المسجل والمبثوث في يوم الأحد الموافق 2020/11/29م، فقد كان لقاءاً معداً بغرض محاولة تجميل القبح الذي لحق بصورة السيد/ رئيس وزراء الثورة وهو قبح أصيل لا يمكن تجميله مهما أجتهد المتآمرون حلفاء النظام البائد ووكلاء المحاور ولوبي المنظمات والمؤسسات الدولية والتي يدين لها حمدوك بالولاء والانتماء الفكري والعملي. ولإثبات إدعائي ووصفي للسيد/ حمدوك بالكاذب دعونا نربط ونقارن بين تصريحاته في عدة لقاءات ومؤتمرات صحفية سابقة وتصريحاته في حواره الذي أجري مؤخراً فذلك سيثبت صحة إدعائي.
ذكر حمدوك وبالنص في مؤتمره الصحفي بتاريخ 22 يوليو 2020م في إجابته على أحد الأسئلة أن "مسألة البطء في إتخاذ القرارات ناتجة تماماً عن العملية الديمقراطية نفسها بتفرض علينا نأخذ الوقت الكافي في إستجلاء الآراء والتشاور، يعني لو في بطء هو مرتبط بالمسالة دي بكل تأكيد"، وهذا حديث تكذبه الخطوات العديدة التي إتخذها وحكومته دون حتى إعلام الحاضنة السياسية في قضايا محورية ورئيسية مهمة للغاية، إلا إذا كان ما ذكره في نفس المؤتمر الصحفي في رده على سؤال الإعلامي/ سعد الدين حسن، نافياً وجود حاضنة سياسية ثانية غير صحيح وأن هناك فعلاً جهات أخرى تمثل حاضنة سياسية خفية.
ذكر أيضا حول لجنة التحقيق في محاولة إغتياله الآتي "نحن ظللنا نتابع هذا الملف بشكل لصيق مع الجهة البتشرف على هذا التحقيق واللي هي الأجهزة الشرطية، جهاز المخابرات، في جانب من المعلومات مرتبط بي تعاون دولي، أرسلت معلومات لفترة، القصة بتاعت جائحة الكورونا عطلت التعامل المستمر بين الأجهزة دي والجهات البتساعد فيها، لكن يبدو لي الإنفراج الحاصل هسي دا ممكن نسرع بهذه المسألة"، ونقول للسيد/ رئيس الوزراء أنه يمارس التضليل والإلتفاف فأي أجهزة دولية هذه التي توقف الكورونا عملها خاصة في موضوع كمحاولة إغتيال رئيس وزراء دولة كالسودان كانت معقلاً للجماعات الإرهابية ونظامها البائد داعم للإرهاب، هذه الأجهزة التي تغفو وتدخل في غيبوبة هي تلك الأجهزة التي يقودها السيد/ حمدوك إن كانت المدنية أو الأمنية، محاولة الإغتيال المحبوكة لأمر ما مفضوحة ومكشوفه ولا تحتاج للجنة أو غيرها ولن تكون هناك مخرجات لهذه اللجنة.
أما الملف الإقتصادي فقد ذكر السيد/ حمدوك في حواره الأخير التالي: (على الإطلاق أنا سامع ناس كتار جداً بتكلموا إنو الحكومة ماشه لتعويم الجنيه إلى أخره، واللجنة الشغالة في المسألة دي مع وزارة المالية ومع خبراء في المجلس الإستشاري الإقتصادي لرئيس الوزراء في إنو نمشي في وجهة المرن المدار( إنتهى حديث حمدوك المتناقض والمقصود منه (خم) البسطاء وخداعهم بالمصطلحات النخبوية، فسعر الصرف المرن المدار ما هو إلا تعويم متدرج وتحت إشراف البنك المركزي وصولاً للتعويم الكامل. وحسب تعريف الخبير المصرفي المصري أحمد قورة لسعر الصرف المرن "أن التعويم المدار يكون عبارة عن تحريك سعر الصرف تحت إشراف وتدخل البنك المركزي لخفض السعر تدريجيا ودعم وتثبيت سعر العملة المحلية عند مستويات محددة أمام العملات الأجنبية من جانب البنك المركزي بهدف تخفيف وطأة عملية التعويم على السوق"1، فعلى قول أستاذنا معتصم أقرع واصفاً سياسة الحكومة " تعويم الجنيه ونبض الشارع: قرر الطاقم الحاكم "تعويم" الجنيه قبل عام تقريبا. وكل ما هم بالتنفيذ يستجد غضب بـالشارع يدفعه الِي التأجيل. رغم ان بيان وزارة المالية الاخير (بتاع شكرا حمدوك, شكرا كونغرسوك, شكرا ترمبوك) قد أكد, في رطانة تعتيم متعمد, علي ان التعويم صار قاب يومين أو ادني, الا انه الان يتم تأخير القرار حتى يجس أهل السلطة حرارة الشارع بعد مسيرات 19 ديسمبر ثم يتم التطبيق أو التراجع بعد ذلك. وهكذا تظل السلطة في وضعها المأساوي محشورة بين مطرقة الكفلاء وسندان الشعب وتظل السياسة الاقتصادية تلتيق يفتقد الاتساق لان عناصرها تولد من رحم توازنات لحظات سياسية متناقضة. المهم، الداير يشتري حاجة غالية يستعجل... كلمتكم."2. ويلفت تشخيص أقرع لنقطة مهمة للغاية وهي الأسباب والملابسات التي تتخلق نتاجها السياسة الإقتصادية هذا غير الإنتماء النيوليبرالي لطاقم الحكومة.
ومما يجدر الإشارة إليه أن حكومة الإنقاذ قد بدأت في تطبيق سعر الصرف المرن منذ العام 1992م وتحسنت علاقتها بصندوق النقد الدولي في العام 1997م ولولا أن إكتشاف البترول وبدء تصديره في العام 1999م أنقذها لكان مآلات إقتصادها هو السقوط المحتوم. وهذا يؤكد لنا أن الحل ليس في إتباع روشتة صندوق النقد التي ينكر حمدوك إتباع حكومته لها وفي نفس الوقت يقوم بتطبيقها بملكية أكثر من الملك ذاته.
أما حديثه حول الدعم فيحمل تأكيدات بعدم كفاءته بل وعدم أهليته ليكون موظف في وزارة الإقتصاد دع عنك أن يكون المسئول الأول في السلطة التنفيذية، فقد ذكر في مؤتمره الصحفي بتاريخ 22 يوليو 2020م – أي قبل نحو 4 أشهر من حواره الأخير - أنهم كحكومة يدعمون 6 سلع أو 7 وذكر في حواره الأخير أنهم يدعمون (8) سلع ولا ندري في أي من اللقائين كان العدد المذكور هو الصحيح بل وكيف يتحدث المسئول الأول في الحكومة بدون معلومات شديدة الدقة والضبط!. وقد إدعى أيضا أنهم يسعون لرفع الدعم عن البنزين والجازولين بشكل كلي وبانهم سيبقوه على السلع الأخرى التي لا يعلم ولا نعلم عددها، فكيف يكون ذلك والبترول مرتبط بكل العمليات الإنتاجية والحياتية يا سيادة رئيس الوزراء المتآمر؟؟، وقد إستمر رئيس الوزراء في غيه مدعياً بأنهم وضعوا من البدائل والمعينات ما يساعد في كالحد من تأثيرات هذا الرفع والبدائل هي حسب حديثه تتمثل في برنامج سلعتي والتعاونيات، وهي بدائل كذوبه فقد ذكر في نفس حواره "البرنامج بتاع سلعتي هو برنامج مؤكد كان ممكن يكون عندو تأثير كبير جداً لو قدرنا نوفر المبلغ اللي كان مفروض يتوفر ليهو عشان يعين كل السودان، سلعتي ليوم بتغطي حوالي (15) ولاية..، سلعتي قدمت ما قيمته (10) مليار قدرنا نوفر عٌشر هذا المبلغ مرة أخرى الموضوع مرتبط بالموارد.." إنتهى حديث حدوك ونسأله ما دامت حكومتك لا تمتلك الموارد اللازمة لتمويل برنامج سلعتي فكيف تدعون أنه سيخفف تأثيرات رفع الدعم وهذا يثبت العشوائية واللامؤسسية التي تدار بها الدولة السودانية. وما دام حسب حديث حمدوك أن "البنزين والجازولين متوفر بكميات كبيرة جداً ومفروض أصلاً ما تكون في صفوف، لكن هناك مشاكل فنية مرتبطة بالمخزن بتاع الوقود المصفاة، هنالك مشاكا مرتبطة بالتهريب، الفساد، كل هذه القضايا نحنا واضعين يدنا عليها..." فما الذي طرأ فجأة على المصفاة التي يسميها رئيس الوزراء الكفوء بالمخزن؟! إنه ضحك على الدقون وخداع وكذب بين لن ينطلي علينا، فيا حمدوك ونخبك المنحطة تأهبوا لسقوطكم المحتوم، هذه قيض من فيض لإدعاءات حمدوك وحكومته الكذوبة.
ختاماً ها هي الديكتاتورية قد كشرت عن جميع أنيابها في 19 ديسمبر 2020م فاضحة تماماً حقيقة حمدوك وما تبقى من قوى قحت ومثبتة ومبينة البون الشاسع بين هذه المكونات والممارسة الديمقراطية وبأنها كما الإنقاذ بل وأكثر إنحطاطاً.
مصادر:
(1) موقع صدى البلد الإخباري - ما المقصود بالتعويم المدار والسعر المرن للجنيه أمام الدولار؟
(2) منشور من صفحة الأستاذ/ معتصم أقرع بالفيسبوك.
 
يتبع
 
محمد عمر محمدالخير
الخرطوم في 19 ديسمبر 2020م

الخميس، 19 نوفمبر 2020

أكتوبر 21 وواقع اليوم أكتوبر 21, 2020 | اخبار أكتوبر 21 وواقع اليوم يا لهب الثورة العملاقة ..

أكتوبر 21 وواقع اليوم

أكتوبر 21, 2020 | اخبار

أكتوبر 21 وواقع اليوم

يا لهب الثورة العملاقة ..


“يا ثوري الشارع الممتد

من أكتوبر ولطريق الغد”

من قصيدة ” عمق الفكر المتقدم” في رثاء أستاذنا/ تاج السر مكي أبوزيد.

لا يمكننا أن نكتب عن ثورة الشعب الجبارة في أكتوبر 64 دون ذكر أحد قادتها الأشاوس، رفيق وصديق شهيدها الأول أحمد القرشي طه وأخر من أسر له بكلماته الأخيرة… وهو الذي إمتد نضاله المستميت ماراً بـ (أبريل 85) وديسمبر 2018م وسيمتد نضاله الفكري بما ترك من إرث كتابي عظيم يحمل تحليلات موضوعية وحلول بناءه لقضايا وهموم شعبنا. تجسدت أسهامات أستاذنا/ تاج السر في مد ثوري وقيمي أصيل بمساهماته الثره في تلافي أخطاء ومصير أكتوبر التي وئدت مبكراً وتبعتها أبريل مبلوراً فكرة حراك الأحياء والعمل على تكوين قواعدها التي سميت لاحقاً بلجان المقاومة حريصاً على ضرورة خلق قاعدة اجتماعية داعمة للثورة تحميها وتحرسها.

بكل تأكيد لولا تجربتي أكتوبر 64 وأبريل 85 لما نضجت الثورة السودانية هذا النضوج الكمي على مستوى شرائح عديدة من مجتمعنا. ثورة ديسمبر 2018م هي إمتداد طبيعي وحتمي لثورة شعبنا في أكتوبر 64 والتضحيات التي قدمت في أكتوبر لا تقل بأي حال عما قدمه أحفاد أولئك الأشاوس الأبطال.

رغماً عما تعايشه الثورة الآن من انتكاسات ومواقف حرجة شديدة التعقيد والخطورة، فإن الثقة في أنها ستبلغ مشارف انتصارها الساحق والمستحق، ولتحقيق ذلك لا مناص من تفعيل وإشراك القوى الاجتماعية الحقيقية صاحبة المصلحة في التغيير والتي تصدت لمناهضة الديكتاتوريات على طول سنبينها العجاف وصولاً لمحطات ثورية مشهودة وبالتأكيد لن يقف مدها الثوري عند ثورة ديسمبر 2018م فالثورة لا محالة مستمرة منذ تسليم السلطة من قبل حزب الأمة للجنرال عبود في نوفمبر 58 منقلبين على الديمقراطية وعلى إرادة الشعب… أما خطأ الاعتماد على نفس القوى التي نتاج فشلها وانحطاطها ولا مبالاتها رمتنا في جب الإنقاذ الكريه وهم أيضاً لم يكونوا جزءاً فاعلاً في الفعل الثوري بل أغلبهم من أصحاب المواقف الرمادية والانتهازية وأولئك الذين يطبلون ويركبون الموجه الأعلى التي يمكنهم من خلالها تحقيق مصالحهم الذاتية والحزبية، هؤلاء لن يستطيعوا ولن يمكنهم أن يقدموا شيء كما هو الحال في ظل حكومة حمدوك الحالية وحاضنته السياسية، رغماً عن وجود جناح ثوري أصيل في الحاضنة ولكنه ضعيف وعاجز ولا يمت للواقع بصله بل رهين لماضي قد غمر.

إن حكومة حمدوك التي يفترض أنها حكومة للثورة تمارس العمل بالوكالة ضد الثورة، وما التضليل الذي مارسته في قضية رفع الدعم بادعائها أن الدعم يستفيد منه الأغنياء، هذا الادعاء تحري للكذب وإفك عظيم، فالمستفيد من الدعم هو جميع قطاعات الشعب السوداني والذين يبلغ عدد من هم تحت حد الفقر منهم حوالي (%65) من إجمالي مواطنيه وهي نسبة إحصائية قديمة من المؤكد ازديادها بنسبه أكبر بكثير خاصة عقب رفع الدعم (اسم الدلع والتضليل لزيادة الأسعار) الذي نفذته حكومة حمدوك مدعية أن الهدف من ذلك إعادة توجيه الدعم لمستحقيه ولقطاعي التعليم والصحة وهذا كذب كشفته خطوة إقالة وزير الثورة الوحيد د. أكرم التوم وزير الصحة الذي عزم وبدأ فعلياً في إعادة إحياء القطاع الصحي العام الذي دمرته عصابات الإنقاذ وتجارها وسماسرتها، إضافة لحملة التبرع (الشحده) لصالح طباعة الكتاب المدرسي الجديد بعد أن عجزت حكومة الثورة المدعاة عن طباعته، باختصار لا صحة دعمت ولا تعليم.

أما الحديث التخديري عن برامج للدعم النقدي فهذا (ضحك على الدقون) وغش، لأن هذا ببساطة يحتاج لمجهودات وميزانيات كبيرة لبناء قاعدة معلومات دقيقة يمكن الاعتماد عليها لإنشاء شبكة ضمان اجتماعي فاعلة وحقيقية، وليست كما هو الحال الآن في مصلحتي الضرائب والذكاة التي هي عبارة عن امتيازات لا يحصل عليها مستحقيها من مواطني دارفور المشردين ولا مواطني الشرق المفقرين وغيرهم من فقراء بلادنا، بل يحصل عليها الموظفين الفاسدين والمحاسيب والأقارب “وزولي وزولك”.

أما أمر الميزانية وبنود صرفها فهو حديث ذا شجون… فطبيعة الصرف الحكومي تبزيري وبذخي وغير رشيد – بل وهايف – ويشوبه الفساد البين وهي ممارسات قننتها الإنقاذ طوال سنين حكمها… فمثلاً لننظر لكمية السيارات الحكومية مهولة العدد والمتعددة الماركات والتي تجوب شوارع وفيافي البلاد (مع الإشارة بأن هناك سيارات تحمل لوحات ملاكي وهي مملوكة للحكومة) كامتيازات لأشخاص في غالبيتهم ليسوا بأكفاء وليست هناك ضرورة لتخصيص سيارات لهم، ولنتساءل كم تبلغ تكاليف الوقود وقطع الغيار وغيرها لهذه الكمية الكبيرة من السيارات؟ والتي تقوم بدفعها الحكومة من المال العام لتزيد بها الفوارق الاجتماعية بزيادة الأغنياء غنناً وإفقار الفقراء أكثر وأكثر وتغيب العدالة الاجتماعية والقانونية…!!؟

إن أغنى الدول وأكثرها تقدماً قد تجد رئيس الوزراء يجاورك في المترو أو تصادفه يقود دراجته في الطريق متجهاً لمكتبه… أما هنا حيث الأبهة والأمراض الاجتماعية المتمظهره في التفاخر الأجوف، فنجد أساطيل السيارات من مختلف الماركات الباهظة والزهيدة بل ونجد جهات تود أن تزيد عدد السيارات الفارغة من أدنى حوجة أو فائدة مرجوه كما تابعنا في حادثة طلب المجلس السيادي العسكري… أيضاً كيف يتم زيادة المرتبات بنسبة (%569) تقريباً “وهي نسبة فلكية” حسب تصريحات الحكومة والتي يؤكد خبراء بأنها بلغت (%383) فقط في حقيقتها (1) ولكن ذلك لا يغير في سؤالنا الذي نود طرحه شيء، فكيف لحكومة تعاني وجود عجز في الموازنة أن تقوم بزيادة مثل هذه لمصروفاتها؟ ولماذا التفريق بين منسوبي القطاع العام من غير المدنيين؟ فمنسوبي جهاز الشرطة حصلوا على نسبة زيادة في مرتباتهم لم تتعدى الـ (%225) على أعلى تقدير، ذلك غير منسوبي القطاع الخاص وهم قطاع كبير جداً.

يحق لنا وبما أننا بلد غني بالموارد أن نتساءل، أين هو الدعم للإنتاج الآن وكيف يتم ذلك والحكومة تتبع سياسات الفوضى الاقتصادية وروشتات صندوق النقد وبنكه الدوليين واللذان لم يقدما ولا تجربة واحدة ناجحة في أي من دول العالم..، بل المزيد من الإفقار والتبعية والارتهان للمنظومة الرأسمالية العالمية بتفاقم الدين الخارجي وتدهور العملة المحلية والقضاء على الإنتاج وتحويل المجتمعات لمجتمعات استهلاكية تستورد كل احتياجاتها من الخارج لفتح الأسواق أمام عصابات رأس المال التي يمثلها صندوق النقد وبنكه الدوليين ووكلائهم وصولاً لواقع يخدم جشعهم وانحطاطهم اللامتناهيين.

ختاماً باسم شهدائنا الأكارم وشعبنا المقهور نتساءل عن كيف لبلد مثل السودان أن تكون ميزانيته بها عجز وموارد البلاد من ذهب ويورانيوم وغيرهما تقوم بنهبها عصابة الجنجويد وحلفائها من العصابات الروسية وأجهزة الاستخبارات الإقليمية. وماذا حدث في أمر احتكار الجيش لسوق الصادرات وبناءه لإمبراطورية مالية لصالح القيادات الكبرى الفاسدة.

لا حل سوى الإطاحة بسطوة واحتكارية “قحت” بأن تكون الغلبة للقوى الثورية صاحبة المصلحة في التغيير وتحجيم نسبة مشاركة “قحت” في الحاضنة السياسية بما يناسب وزنها الحقيقي، وعلى لجان المقاومة والقوى الثورية الأخرى أن تنظم صفوفها وتخلق البديل المطلوب وتفارق خط الهتاف الحماسي التجييشي لخطوات عملية جادة ومؤسسة.

المجد لشهدائنا وثوارنا منذ فجر الثورة في أكتوبر 21 وحتى غد الثورة الآتي لا محالة.

مصادر:

1- من منشور لمعتصم أقرع على صفحته بالفيسبوك بتاريخ 16/08/2020م.


 


محمد عمر الخير


مصادر:

1- من منشور لمعتصم أقرع على صفحته بالفيسبوك بتاريخ 16/08/2020م.

http://shawarea.net/%d8%a3%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%a8%d8%b1-21-%d9%88%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85

الأربعاء، 23 سبتمبر 2020

متسلقي الثورة وحكومتهم

 من الواضح أن قحت وحكومتها خلقت الكذبة وصدقتها بإدعائهم "أن سبب الأداء المتقازم هو سيطرة النظام البائد وأن الخراب والتركة المثقلة الموروثة منه تعرقل مسيرة حكومتهم الظافرة"، وهذا حديث فطير وساذج بقدر سذاجتهم السياسية ومقدراتهم الضحلة وغياب روحهم الوطنية وتنظيماتهم المأزومة. وقد بدأ أعضاء حكومتهم في تقمص تصديق الكذبة فخرج علينا السيد/ وزير الصناعة والتجارة متبجحاً واصفاً سلوك الشعب بالإستهلاكي، فحديثه هذا ك"كلام الطير في الباقير" فعن أي شعب يتحدث.. هل عن الشعب الذي يعاني شظف فوضى السوق وسياسات حكومته الخرقاء ويشقى للحصول على أساسيات حياته، أم أن الوزير يقصد دائرة محيطه الإجتماعي الذي لا يمثل أكثر من (5%) على أحسن تقدير من جماهير الشعب المطحون، وقد راكمت أغلبية الـ (5%) ثرواتها هذه بالسرقة والنهب السياسي والإستغلال الوظيفي والأسري والعشائري إضافة للرأسمالية الطفيلية الإنتهازية – وهي تمثل الأكثرية من هذه النسبة - التي تتربح على حساب حقوق موظفيها شركائها في النشاط التجاري وعلى حساب صحة المواطن وحقوقه التي من أهمها حصوله على الحد الأدني من الجودة والسعر المناسب. ولنسأل وزير الصناعة عن سياساته وحكومته التي تؤسس وتدفع في إتجاه السلوك الإستهلاكي؟ وما يؤكد ذلك ويثبت ضخامة حجم الجريمة التي ترتكبها هذه الحكومة في شأن الإقتصاد السوداني منشور بنك السودان المركزي المعمم للمصارف بدون نمرة بتاريخ 17/09/2020م والخاص بتعديلات في ضوابط النقد الأجنبي وأحد تلك التعديلات "تضمين مدخلات إنتاج التبغ والسجائر ضمن قائمة السلع الضرورية"، فأي عبث هذا وأي إنحطاط ذلك الذي يمارسه المتبجح مدني عباس هو وحكومته التي تأكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنها حكومة تخدم تقاطعات مصالح محلية ودولية وعالمية في ظل عصر العولمة ورأس المال العابر للقارات، إنها ببساطة حكومة مضادة للثورة وقيمها وتوجهاتها وأهدافها.

أما المدعوة/ ولاء البوشي وزيرة الشباب والرياضة والتي لم نسمع لها صوت مناصرة طوال الفترة منذ بداية قضية الشباب المعتدى عليهم  والمنتمين لمجموعة فيد الثقافية وبعض أفراد لجان المقاومة الذين هبوا لنجدتهم في ظل حكومة إدعت أنها حكومتهم الحافظة لحقوقهم وحرياتهم. فقد أتت في زيارة تجرجر أزيال الإنحطاط والإنتهازية لتوظف هذه الزيارة في سجلها الخاوي من الإنجاز وهي التي كان مناط بها كوزيرة شباب أن تقف وتناصر هؤلاء الشباب منذ وقوع الحادثة، تزامنت تلك الزيارة مع وقفة إحتجاجية نظمها الشباب الثائر تنديداً بالمؤامرة التي أحيكت ضد هؤلاء الشباب الناشد للإبداع والذين أدانتهم المحكمة بناءاً على قوانين الإنقاذ الفضفاضة والغير قانونية، فقد  تبجحت  هذه الولاء مخاطبة الجمع بأن خراب ثلاثين عاماً لا يمكن إصلاحه في مدة  قصيرة وبأن الأخطاء التي تمت والتي ستستمر هي  أمر  طبيعي، ونقول لها قبل أن نسألها أن الخطأ الذي يرتكبه مسؤول ويتبين له خطأ هذا الفعل يقوم بمعالجته والإعتذار وضمان عدم تكراره بل والإستقالة إذا لزم الأمر وأن عملية الإصلاح وإعادة التأسيس تبدأ بإيلاء الأمر لمن يمتلك المؤهلات والخبرات اللازمة وعبر الخطوات المدروسة والسليمة والبداية الصحيحة، فهل هذا السلوك متبع من قبل  حكومتك المتآمرة؟ ولتوضح لنا وزيرة الشباب ما هي مؤهلاتها وخبراتها التي أهلتها لتبؤ هذا المنصب بل وما هي الخطوات التي قامت بها حتى الآن لمعالجة قضايا الشباب والرياضة والتي على أقل تقدير كان من المفترض أن تبتدرها بإدارة حوار مع القطاع الذي تعمل عليه والمفترض أنها ترعى قضاياه.. وما هي الخطوات التي قامت بها  لمعالجة إشكاليات  وزارتها؟.

أما المدعوة هبة محمد علي  فهي منذ أن أطلت علينا بعد أيام من تكليفها كوزيرة للمالية ومن خلفها أحد وكلاء أربابها  الدوليين  (بصحبة نائب قائد قوات الدعم السريع) وهي تقوم بأداء تمثيلي ركيك يهدف لتملقهم وتلميعهم كاشفة عن ركاكتها ومعرفتها الضحلة وجهلها البائن، فماذا ننتظر من نسخة رديئة وهزيلة من نسخ أرباب البنك الدولي والمؤسسات الدولية.

أما صف ثاني متسلقي قحت فهم لا يختلفون عن حكومتهم فقد خرج علينا المشبوه المدعو/ إبراهيم الشيخ في بث مباشر قبل شهور مدافعاً عن تجاوزات أبنه الذي ضبط في مخالفة شراء وقود من السوق بطريقة غير شرعية وتمت الضبطية بمعاونة لجان مقاومة البراري والذين وقفوا سداً منيعاً ضد محاولات إفلات أحد أبناء سدنة الحكم القائم من العقاب وقاموا بدورهم على أكمل وجه، فخرج علينا المدعو/ إبراهيم الشيخ متبجحاً ومهاجمهاً لأشاوس البراري مدعياً بأن لهم عوداً في هذه الثورة وهذا حديث غريب فنحن لسنا بصدد توزيع ميراث ليحدثنا بهذه اللغة السوقية التي تشبه تماماً سلوكهم كنخب سياسية منحطة تتكسب على حساب حقوق الشعب ويعتقدون أن السلطة بمناصبها مكافأة يجب أن يكافؤ عليها لمواقفهم ونضالاتهم  - إن كانت لهم مواقف ونضالات- ونقول له أن المناضل الحق لا ينتظر مكافأة على نضاله ولا يقتات من تعذيب شعبه. منطق المدعو/ إبراهيم الشيخ - على تخلفه - يمكن إستخدامه في الحق الخاص ولكن لا يمكن وصف حق الوطن عليك بهذا الوصف المخل والمزايدة بنضال كانت وراءه أهداف شخصية وطموح سلطوي.

أيضا في الأيام السابقات خرج علينا مشبوه آخر من مسؤولي الغفلة والشلليات هو الشيخ خضر الذي هطرق بحديث كشف ضحالة تفكيره ووعيه السياسي وعدم أهليته لتولي أي منصب عام دع عنك تعيينه كبير مستشاري رئيس الوزراء وهذا المسمى يختلف كلياً عن الدور الوظيفي الذي يقوم به هذا الشيخ، فقد ذكر أنه مسؤول عن متابعة تتنفيذ قرارات رئيس الوزراء وهذه مهمة من إختصاص مدير المكتب أو السكرتارية وليس المستشار !  ويبرر لنا الشيخ في حواره وجوده ككبير للمستشارين بأن حمدوك طلب منه وآخرين أن يظلوا قريبين منه وأن يعاونوه على إنجاح الفترة الإنتقالية وتحقيق أهداف الثورة حسب إدعاءه، ذلك غير أنه كان وسيط بين حمدوك وقحت – وهو ما كذبه آخرين – بإعتبار علاقته الممتدة لأكثر من أربعين عاماً، إضافة لأنه كان ضمن مجموعة صغيرة من الأصدقاء قد قاموا بترتيب سكن حمدوك بعد مجيئه لتولي رئاسة الوزراء بل وقد وفروا له الحماية بعد أن إستقبلته قحت وذلك حسب إفاداته الواردة بالحوار، وقد زايد بإستفاضة  بأمر  تعرضه للإعتقال عقب إنقلاب الإنقاذ والزج  به في بيوت الأشباح سيئة الذكر وكأن ذلك يجعل منه أحق بالمنصب، وقد خصص وأفرد الصحفي المحاور لحكاوي الإعتقال هذه جل مساحة الحلقة الأولى من حواره في محاولة تلميع ساذجة ومفضوحة.

إن لم نصل مرحلة أن يكون رئيس الوزراء أو غيره من المتقلدين للمناصب مثلهم مثل غيرهم لا تخصص لهم فلل وعربات وحاشية لن نخرج من دائرة الإنحطاط ولن نفارق تصنيف الدول الأشد تخلفاً ورجعية.


محمد عمر محمدالخير

الخرطوم في 21/09/2020م

الاثنين، 10 أغسطس 2020

تجمع المهنيين والسير بنفس النهج المعطوب

 

وقف كثير من الحادبين على واقع ومستقبل الثورة السودانية في صف سكرتارية تجمع المهنيين الجديدة ضد المجموعة الإنقلابية التي ما أن وجدت نتائج الإنتخابات لم تأتي لصالحها إنقلبت وطالبت بتشكيل سكرتارية توافقية تتشكل عضويتها من مجموعتهم والمجموعة المنتخبة. 

أستند الحادبين في موقفهم ذلك على أمرين:

أولهم أن عملية التغيير تمت بطريقة ديمقراطية بمشاركة الإنقلابيين في كل مراحلها وصولاً للتصويت، ولو كانت كانت المجموعة المنقلبة قد شككت أو طعنت في نزاهة الإنتخابات أو أي من مراحلها لكان الأمر مفهوماً ولكن حجتهم كانت بأن السكرتارية المنتخبة تشكل عملية إختطاف حزبي للتجمع لصالح الحزب الشيوعي، والحقيقة أن هذه المجموعة هي من قامت بعملية الإختطاف المدعاة عقب السادس من ابريل 2019م منفذين وداعمين لتوجهات ومصالح أحزاب الهبوط الناعم وحلفائها.

الأمر الثاني هو ضرورة إستعادة التجمع من عملية الإختطاف تلك وإعادة تنظيم صفوفه ليقود عملية التوافق على قانون ديمقراطي للنقابات بمشاركة الجميع والبدء في عملية إنتخاب الأجسام النقابية لتكمل الضلع الثالث لمثلث تأمين وحماية الثورة وقيمها بجانب لجان المقاومة والقوي السياسية – على ضعفها وعلاتها – الساعية والجادة في إستكمال أهداف الثورة كاملة غير منقوصة. فبدلاً من قيام السكرتارية الجديدة بذلك وبإرساء مبادئ المحاسبة والشفافية بمحاسبة أعضاء السكرتارية السابقة على ما أرتكبتوه من تجاوزات ومخالفات ترتقي لدرجة الجرائم وترتب عليها مجازر الإعتصام منذ مجزرة 8 رمضان وحتى 3 يونيو وما بعدها مروراً بالوثيقة (الفضيحة) والواقع المزري الماثل الآن والذي لا يمت للثورة وأهدافها بصلة، وتوضيح حدود مسؤليتهم عن خروقات السكرتارية السابقة التي تمت بوجودهم وتحت أبصارهم ومسامعهم ولا يكفي ترديدهم لتحملهم كافة الأخطاء دون خطوات عملية للمحاسبة وتمليك الرأي العام الحقائق ولكنها تجاهلت كل ذلك بل وقامت بالإبقاء على أحد أبرز أعضاء السكرتارية السابقة المدعو/ أحمد ربيع ممثلاً للتجمع في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير (وذلك حسب الخطاب المتداول على وسائل التواصل الإجتماعي) بدلاً من محاسبته على كثير من التجاوزات وأولها وأهمها التوقيع على الإعلان السياسي دون الرجوع لسكرتارية التجمع.

يبدو جلياً أن سكرتارية التجمع الجديدة تسير في نفس طريق سالفتها المعوج وتركن لنفس النهج الساعي لفرض وصاية النخب وسيطرتها عبر تشكيلات قيادية فوقية وتنصيب التجمع كوصي على الثورة وكجسم سياسي ذا واجهة نقابية متجاوزين حقيقة أن تجمع المهنيين في الأساس تحالف لتنظيمات نقابية موازية اقتضتها ظروف فرضها نظام الإنقاذ وأن دوره لا محالة سينتهي عند إكتمال وضع قانون العمل النقابي بشرط مشاركة الجميع خبراء كانوا أو تكوينات دون وصاية أو أقصاء والخروج بقانون ديمقراطي قوي يصون حقوق المهنيين المختلفة ويضمن بناء نقابات مستقلة... ولا خيار أمام تجمع المهنيين إلا أن يتحول لمنظمة معنية بالعمل النقابي داعمة للحركة النقابية بالأبحاث والدراسات إن رغب مؤسسوه في ذلك أو فإنه سيضمحل، وعلى تنظيماته وأعضاءها النزول لقواعدها كل في قطاعه وتقديم برامجها لتخوض إنتخابات النقابات إن أرادت وأستطاعت.

إن أكبر دليل وأوضح مؤشر على سير التجمع في نفس الطريق المسدود هو إتجاههم للعمل السياسي الفوقي دون العمل على عمليات بناء النقابات ولا حتى النظر في العديد من الطلبات التي قدمت من أجسام مهنية عديدة وتجاهلتها السكرتارية السابقة خوفاً علىى نفوذها وسطوتها، ذلك غير إقصاءهم التام للجان المقاومة صانعة الثورة وصمام أمانها فارضين الوصاية عليها مطالبين بإنعقاد مؤتمر يشمل كل القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير للنظر في إنشاء هياكل جديدة تعبر حقيقة عن القوى الثورة الحية (حسب المؤتمر الصحفي بتاريخ 29/07/2020م).

 

محمد عمر محمدالخير

الخرطوم في 29/07/2020م

 

الاثنين، 29 يونيو 2020

أضواء على الدور السعودي والإماراتي في السودان


أضواء على الدور السعودي والإماراتي في السودان
أورد في هذا المقال تغطية للتحقيق الذي أعده الباحث "جان بابتيست جالوبين" (الباحث الزائر بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية) لصالح مشروع العلوم السياسية في الشرق الأوسط التابع لمعهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن، والذي غطى قضية محورية ومهمة ذات تأثير على واقع ومستقبل السودان وثورته، ألا وهي الدور القذر الذي تلعبه دولتي السعودية والإمارات بتدخلاتها ومحاولاتها الهادفة للسيطرة والهيمنة على إدارة شئون السودان لتحويله لحديقة خلفية لدولتهما. ويكشف التحقيق برصد دقيق وموثق أبعاد هذه المساعي والعناصر الداعمة لها بالداخل والخارج. فالى مضابط التحقيق...
اللعبة الكبرى للإمارات والسعودية في السودان
جان بابتيست جالوبين، المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية
بعد الفشل لسنوات في جذب عمر البشير بشكل حاسم إلى محورها، إستغلت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الإنتفاضة الثورية 2018-2019 لإخضاع السودان تحت تأثيرهما. وقد فعلوا ذلك من خلال دعم الشخصيات العسكرية وشبه العسكرية تحت غطاء "الاستقرار" وبتعاون بعض عناصر التحالف الثوري. شجع الدعم الإماراتي والسعودي جنرالات المجلس العسكري الانتقالي - الذي حل محل البشير في الأسابيع الحرجة التي أعقبت سقوطه - على قمع المتظاهرين في 3 يونيو 2019، وعرقلة المطالب الثورية للحكم المدني، وتمكين ظهور إتفاقية لتقاسم السلطة يلعب فيها الجنرالات دوراً مهيمناً[1]
تمثل الفترة الثورية نقطة إنعطاف في علاقة السودان بهذه الدول الخليجية. على الرغم من العلاقات الإقتصادية الطويلة الأمد حافظ نظام عمر البشير - وهو أحد نسل الإخوان المسلمين - منذ سنواته الأولى على تحالف وثيق مع إيران[2]  تمتعت حكومة البشير أيضًا بعلاقات متميزة مع الداعمين الإقليميين لجماعة الإخوان المسلمين: قطر "التي توسطت في محادثات سلام دارفور" وتركيا في عام 2010 بدأت الخرطوم التي كانت تعاني من ضائقة مالية بعد فقدان معظم إحتياطياتها النفطية في إنفصال جنوب السودان، تقاربًا مع السعودية والإمارات. في غضون أشهر قليلة من بدء الهجوم الذي قادته السعودية على اليمن عام 2015 إلتزم السودان بما يقدر بنحو 10000 جندي لدعم التحالف [3]-  تم نشر الجزء الأكبر من المشاة - مقابل دفع رواتب الجنود وتوفير الودائع المباشرة في خزائن الدولة السودانية ودعم السلع الأساسية. بحلول عام 2018 قدر المسؤولون الإماراتيون أنهم ضخوا حوالي 7 مليارات دولار في الاقتصاد السوداني[4]
جاءت هذه الرعاية المكتشفة حديثًا بخيوط مرفقة: توقعت السعودية والإمارات أن تأتي الخرطوم إلى جانبهما في منافساتهما مع قطر وإيران. في عام 2016 قطع البشير في نهاية المطاف العلاقات مع طهران وبحسب ما ورد وعد الإمارات بإبعاد الإسلاميين عن حكومته.
لكن من غير الواضح ما إذا كان البشير قويًا بما يكفي للوفاء بوعده. في الوقت الذي كان فيه الحلفاء السابقون يتآمرون على إقالته، أدى تحول البشير عن حلفاء السودان التقليديين إلى تفاقم الانقسامات داخل دائرته الحاكمة المتشددة وأضعف موقفه داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وهو ركيزة أساسية لنظامه، إلى جانب الجيش، وجهاز الأمن والميليشيات شبه العسكرية المعروفة باسم قوات الدعم السريع  [5].
من المحتمل أن يكون هذا الضغط الداخلي مسؤولاً عن قرار البشير في يونيو 2017 بالبقاء محايدًا في أزمة قطر، مما أثار غضب الإمارات والسعودية[6]  إنتقامًا توقفت الرياض عن دفع رواتب الجنود السودانيين[7]  حافظت مصر (الحليف الوثيق للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) على آمالها في ضم البشير إلى التحالف وشجعته على إبعاد الضباط الإسلاميين[8]  لكنه إستمر في لعب جانب ضد الآخر. في مارس 2018 تلقى دعمًا إماراتيًا وقرضًا بقيمة ملياري دولار من قطر[9] أقنعت لعبة الموازنة هذه السعودية والإمارات بأن البشير غير موثوق به ويجب استبداله [10]
وبحسب ما ورد أوقفت الإمارات في ديسمبر 2018 شحنات الوقود إلى السودان. في مواجهة النقص الحاد في النقد الأجنبي والعجز العميق والديون الساحقة قطع البشير الدعم عن الخبز، مما أثار أول المظاهرات لما سيصبح الثورة السودانية.
فرصة إنتفاضة 2018-2019
مع ظهور الإنتفاضة، فقد البشير حلفائه القلائل المتبقين. لم يأت أي من رعاته الأجانب لإنقاذه. في 24 ديسمبر، عندما خرج الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي رئيس قوات الدعم السريع شبه العسكرية، لدعم مطالب المتظاهرين، أصبح من الواضح أن ولاء الجيش والأجهزة الأمنية كان مهتزًا. في منتصف فبراير مع استمرار المظاهرات بلا هوادة ورد أن رئيس جهاز الأمن صلاح قوش والإمارات عرضا على البشير خطة للخروج لكنه رفضها. بدأ الإماراتيون في التواصل مع جماعات المعارضة وكذلك فعل قوش الذي زار قادة بارزين في السجن[11]
في 7 أبريل 2019، بعد يوم واحد من بدء المتظاهرين الثوريين إعتصامًا أمام مقرات الجيش، ترأس الفريق جلال الدين الشيخ "نائب رئيس جهاز الأمن" وفدًا من ضباط الجيش والإستخبارات في زيارة للقاهرة حيث طلب دعم مصر والسعودية والإمارات للانقلاب على البشير. أفادت التقارير أن الدول الثلاث تواصلت مع عبد الفتاح البرهان، وهو جنرال عسكري كان قد نسق عمليات الجيش السوداني في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن وحميدتي الذي إنتشر هناك أيضًا كرئيس لقوات الدعم السريع. عرضت مصر منفى البشير في السعودية مرة أخرى ولكنه رفض مجدداً. بعد ذلك بأيام قليلة في 11 أبريل/نيسان، أطاح به قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، بمن فيهم البرهان وحميدتي، ونصبوا مجلسًا عسكريًا انتقاليًا لحكم البلاد .[12]
أعطى هذا الانقلاب فرصة للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر لإدخال السودان في النهاية إلى محورها، لذلك ألقوا بثقلهم وراء المجلس العسكري الإنتقالي، وعلى وجه الخصوص على حميدتي، الذي حصل بالفعل على موارد مالية كبيرة في العام الماضي من حكم البشير بفضل نشر قوات الدعم السريع في اليمن وصادراته من الذهب السوداني إلى دبي  [13]. في غضون عشرة أيام وعدت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بتقديم 3 مليارات دولار من المساعدة المباشرة للنظام الجديد. وبينما واصل الثوار إعتصامهم مطالبين بتغيير سياسي جذري، ضغطت مصر على الإتحاد الأفريقي لتثبيط تعليق عضوية السودان [14]
خلال شهري أبريل ومايو، فشلت المفاوضات بين المجلس العسكري الإنتقالي وقوى الحرية والتغيير (المنظمة الثورية لأحزاب المعارضة وجماعات المجتمع المدني وجماعات المتمردين) في التوصل إلى إتفاق بشأن تقاسم السلطة. شجعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى جانب الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا وإريتريا المجلس العسكري الإنتقالي على التمسك بالسلطة. قامت الإمارات بتسليم أسلحة سراً إلى حميدتي في أواخر أبريل/ نيسان[15]  نشر وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش تغريدة "من الشرعي تمامًا للدول العربية دعم الإنتقال المنظم والمستقر في السودان. ذلك وفقاً للتطلعات الشعبية مع العناية بالإستقرار المؤسسي. لقد عانينا من الفوضى الشاملة في المنطقة، وبصورة معقولة لا نحتاج إلى المزيد منها ". [16] على حد تعبير وزير سابق في حزب المؤتمر الوطني "كانت بعض المراكز تعمل على بناء السيسي الجديد".[17]  مدعومًا بالغطاء الدبلوماسي والمساعدات العسكرية، بالإضافة إلى النقود الطازجة وحقن الوقود والقمح، ظل المجلس العسكري الإنتقالي متصلبًا ولعب لبعض الوقت في المفاوضات، رافضًا المطلب المركزي لـقوى الحرية والتغيير بأن يكون مجلس السيادة الجديد مكون من أغلبية مدنية مع تمثيل رمزي للجيش.
بحلول أواخر أبريل - أوائل مايو، أصبح الثوار في إعتصام الخرطوم أكثر تحديًا ردًا على تكتيكات المجلس العسكري المماطلة للحكم المدني برز الشعار المركزي "  مدنيااااااو [18] بعض الذين رحبوا بدور الجيش وحميدتي في الإطاحة بالبشير والذين كانوا منفتحين على فكرة مجلس السيادة المختلط يطالبون الآن بمجلس مدني حصري. [19]  إجتذب الدعم المرئي من الإمارات والسعودية للمجلس العسكري غضب المتظاهرين [20]
ومع ذلك، حتى عندما أظهر الثوار علامات على التطرف عملت الإمارات بشكل منفصل لإستمالة المعارضة. ففي أواخر أبريل / نيسان، إلتقى أعضاء بارزون في نداء السودان "وهو عنصر مركزي في تحالف الحرية والتغيير" بمسؤولين إماراتيين في أبوظبي[21]  عند عودتهم، بدأ مسؤولو نداء السودان يتحدثون بشكل إيجابي عن دور الجيش والإمارات والسعودية في المرحلة الانتقالية[22]  وبحلول أوائل مايو / أيار دفع تليين موقف نداء السودان النشطاء الثوريين والجماعات المسلحة الأخرى إلى التكهن بشأن "دبلوماسية الحقيبة" في الإمارات على إنفراد [23]، يعترف مسؤولو نداء السودان الآن بأنه "تم طرح تعويضات سخية ". [24]
في 3 يونيو ، بعد زيارة قام بها حميدتي للرياض والقاهرة وأبوظبي (مجموعة الأزمات 2019: 12)، شنت قوات الدعم السريع وقوات الشرطة حملة على إعتصام الخرطوم"وعدد من الولايات - الكاتب"*، مما أسفر عن مقتل أكثر من 130 شخصًا وإثارة السخط في السودان والخارج. دفع هذا الحدث الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بعد أسابيع من السلبية إلى الضغط على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية[25]  المسؤولون الإماراتيون والسعوديون الذين يُقال أنهم قلقون من أن حميدتي قد ذهب إلى أبعد الحدود وكان يعجل عدم الاستقرار، استخدموا نفوذهم على المجلس العسكري الإنتقالي للضغط من أجل التوصل إلى إتفاق مع المعارضة[26] بدأوا في الدعوة علنًا إلى "الحوار"، والعمل خلف الكواليس إلى جانب المملكة المتحدة والولايات المتحدة للتوسط في صفقة[27]
لكن المذبحة فشلت في ثني الثوار الشعبيين [28] . في 30 يونيو 2019، جمعت لجان المقاومة - وهي شبكة من مجموعات الأحياء - وتجمع المهنيين السودانيين ، وهي ائتلاف من النقابات "النقابات الموازية"، مئات الآلاف من الناس في الشوارع في "مسيرة المليونية، عرض القوة فاجأ المجلس العسكري [29] وأظهر أن إستراتيجية القمع والمماطلة من قبل المجلس العسكري قد فشلت، وأن التعبئة يمكن أن تستمر لعدة أسابيع أخرى، ولكن بدلاً من استخدام هذا الدعم الشعبي المتجدد لإنتزاع المزيد من التنازلات، قبلت قيادة قوى الحرية والتغيير تسوية مذلة.
تخريب الحكم المدني
في إتفاقية تقاسم السلطة التي نشأت بعد خمسة أيام، احتفظ الجنرالات بنفوذ كبير: الجنرال عبدالفتاح البرهان  رئيس المجلس العسكري الانتقالي، سيكون بمثابة رئيس مجلس السيادة الجديد - ورئيسا بحكم الواقع - لأول 21 شهرًا من المرحلة الانتقالية[30]  "الإعلان الدستوري" الموقع في أغسطس بين تحالف قوى الحرية والتغيير والجنرالات إتفق على مجلس الوزراء تعينه قوى الحرية والتغيير، لكن القادة العسكريين حافظوا على سيطرتهم على وزارتي الدفاع والداخلية. أصبح حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة.
بعد التوقيع على الإعلان الدستوري، الذي وضع خارطة طريق لمؤتمر دستوري وانتخابات، قدمت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الدعم للحكومة الجديدة، حيث قامت بتحويل 200 مليون دولار شهريًا نقدًا وإعانات للسلع إلى الحكومة في النصف الثاني من عام 2019[31] تماشيًا مع هذا التوافق الجديد رفضت الحكومة السودانية عرضًا لإرسال وفد إلى قطر مقابل مليار دولار كتمويل، على الرغم من أنها كانت فاقدة للأمل في الحصول على النقد [32].
على الصعيد المحلي، أعاد التحالف الجديد بين تحالف قوى الحرية والتغيير وأعضاء المجلس الإنتقالي السابقين تشكيل الدولة السودانية بشكل كبير على حساب حزب المؤتمر الوطني، تماشيًا مع عداء أنصار الخليج تجاه الإخوان المسلمين. وواجه كبار ممثلي حزب المؤتمر الوطني السجن وصودرت أصولهم. تمحور البرهان الذي عمل كمنسق عسكري مع الحزب الحاكم، [33]  لإرضاء رعاته وطرد العديد ممن تم التعرف عليهم بوضوح على أنهم إسلاميون من الجيش والأجهزة الأمنية[34]  تغلغل تأثير الإمارات في المشهد السياسي السوداني عبر حميدتي، الذي وصفه دبلوماسي بأنه "عميل ووكيل الإمارات" ، [35]  معززاً مكانته كلاعب مركزي بفضل قدرته على شراء المعارضين والمنافسين المحتملين.[36]  إستمر قادة نداء السودان مثل "ياسر عرمان والصادق المهدي ، زعيم حزب الأمة ، في التعبير عن الدعم الشعبي لمشاركة الجيش في المرحلة الانتقالية وعملوا على تهميش الجماعات اليسارية غير التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة[37]
منذ أواخر عام 2019، بدا أن السعوديين قد تراجعوا، تاركين إدارة ملف السودان للإماراتيين.على الرغم من سياستها الرسمية لدعم الإنتقال فقد قامت الإمارات بمناورة لتقويض الجناح المدني للحكومة من خلال دعم الجنرالات وتوضح ثلاثة تطورات هذه الجهود.
أولاً: رعى الإماراتيون عملية سلام تضع الجنرالات في المقدمة والوسط. لم يكن الإعلان الدستوري واضحًا بشأن من يجب أن يكون في تشكيلة السلطة الجديدة مسؤولاً عن المفاوضات مع الجماعات المسلحة من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق - وهي أولوية للانتقال[38] إستغل الجنرالات هذا الغموض وإنتزع حميدتي والجنرال شمس الدين الكباشي "وهو عضو سابق آخر في المجلس الانتقالي"، العملية من مجلس الوزراء، وكانوا على رأس الوفود الحكومية في جوبا، حيث تجري المفاوضات بدعم مالي من الإمارات إستخدمت أبو ظبي نفوذها مع الجماعات المسلحة للضغط من أجل صفقة من شأنها أن تضع الجنرالات في مواقع صانعي السلام، على الرغم من أن الإنقسامات الداخلية بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية والجهود المتأخرة التي بذلها الاتحاد للانضمام إلى المحادثات كانت متعثرة (بحلول الربيع) عام 2020، سعد حميدتي بمغادرة الملف للكباشي[39]
ثانيًا: توسطت دولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير 2020 في اجتماع بين رئيس مجلس السيادة الجنرال البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ناقشا فيه تطبيع العلاقات الثنائية. حصلت خطوة دعوة البرهان لزيارة واشنطن من قبل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على حيرة المراقبين الأمريكيين، حيث بدا أنها تتعارض مع السياسة الأمريكية الرسمية لدعم الحكم المدني  [40]. وقال مصدر عسكري سوداني بارز لوسائل الإعلام إن السودان يأمل في أن يقنع الإجتماع مع نتنياهو الولايات المتحدة برفع تسمية السودان كراعي للإرهاب، وهو الأمر الذي سعت حكومة حمدوك - وفشلت - في تحقيقه لشهور، والتي تعوق الاستثمار وتخفيف الديون. وكشف المصدر أن المسؤولين السعوديين والمصريين كانوا على علم بالاجتماع القادم الذي كان قيد الإعداد منذ شهور، ولكن لم يتم إخطار وزيرة الخارجية المدنية [41]
ثالثًا: ضغطت الإمارات العربية المتحدة على وضع حميدتي في مقعد القيادة للسياسة الإقتصادية السودانية. في مارس 2020، تم تعيين حميدتي لفترة وجيزة رئيسًا للجنة إقتصادية طارئة جديدة - هيئة مخصصة قوية. ولكن في مواجهة معارضة من قوى الحرية والتغيير "الصحيح هو رفض الثوار وليس قحت - الكاتب"*، إضطر حميدتي إلى التنحي ليصبح عضوًا بسيطًا، وترك المقعد لرئيس الوزراء. في أبريل 2020 وسط شائعات حادة عن إنقلاب محتمل من الجيش، أجرت قوي الحرية والتغيير تقاربًا مع حميدتي الذي رؤوه كحامي. بعد ضغوط مكثفة من الإمارات العربية المتحدة رضخت قوي الحرية والتغيير لأن يصبح حميدتي رئيسًا للجنة وكرس دوره كصانع قرار رئيسي في السياسة الاقتصادية [42]. أنهت الإمارات والسعودية رسمياً دعمهما المباشر للحكومة السودانية في ديسمبر 2019 دون تفسير بعد أن صرفت نصف مبلغ الثلاثة مليارات دولار التي وعدت بها فقط؛ غير أن حميدتي قدم عرضاً بإيداع مئات الملايين من الدولارات في البنك المركزي لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد[43]
خاتمة
كانت عملية إعادة التنظيم الدولية للسودان سريعة. في غضون أقل من عام خسر عملاء قطر وتركيا في الخرطوم أي دور في السياسة. منح الدعم المالي من السعودية والإمارات للجنرالات فسحة حاسمة لمقاومة المطالب الشعبية بالحكم المدني، وشكل توازنًا غير متوازن للقوة سمح للجنرالات بالتنقل خلال فترة من التعبئة الجماعية. بعد ذلك أكسبتهم التدفقات المالية السرية للإمارات نفوذًا لا مثيل له عبر قطاعات كبيرة من الطيف السياسي، مما ساعد الجنرالات وخاصة حميدتي على تعزيز سلطتهم.
مع تلاشي نفوذ قطر وتركيا، فإن خطوط الصدع السياسي الناشئة داخل السودان هي مصدر الخلافات داخل الترويكا العربية. ترى الحكومة المصرية المقربة تقليديًا من الجيش السوداني أن حميدتي يشتبه فيه، وأقامت علاقة مع البرهان. أصبح التنافس بين الجنراليين أكثر وضوحا منذ أبريل 2020، ويشير إلى أن ترتيب القوة الحالي غير مستقر ويمكن أن يؤثر على العلاقات بين مصر وشركائها الخليجيين. الآن وقد أصبح مصير السودان مرتبطًا بألعاب نفوذ الترويكا العربية، فإن سياساته الداخلية قد تؤثر على الترويكا نفسها.




[1] تعتمد هذه الورقة على مقابلات مع الممثلين والمراقبين في المشهد السياسي السوداني ، وعلى تحليل الوثائق العامة أو شبه العامة ، بما في ذلك المقالات الإخبارية والنشرات الصحفية والبيانات من الجهات السياسية الفاعلة.
[2] امتد التعاون الدفاعي المكثف لتصنيع الأسلحةفي أوائل عام 2010 ، كانت إيران لا تزال ترسل كتيبة من الحرس الثوري في السودان.
مقابلة مع مراقب سوداني ، مايو 2020Africa Confidential . 2012. "الهدف الخرطوم". المجلد 53 ، رقم 22Africa Confidential . 2 نوفمبر.
Leff ، J. ، & LeBrun ، E. (2014). بعد الموضوع: تعقب الأسلحة والذخائر في السودان وجنوب السودانhttp://www.smallarmssurveysudan.org/fileadmin/docs/working-papers/HSBA-WP32-Arms-Tracing.pdf
[3] منها 7000 مراسلون بلا حدود. Crisis Group (2019) ، المنافسة داخل الخليج في القرن الأفريقي: تقليل الأثر ، تقرير رقم 206 ، الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، 19 سبتمبر 2019 ؛ De Waal، A. (2019b) ، النقدية والتناقضات: حول حدود تأثير الشرق الأوسط في السودان ، الحجج الأفريقية ، 1 أغسطس 2019https://africanarguments.org/2019/08/01/cash-and-contradictions- على الحدود بين الشرق الأوسط والنفوذ في السودان / .
[4] وشملت هذه 1.4 مليار دولار في احتياطي النقد الأجنبي للبنك المركزي و 871 مليون دولار في دعم الوقود.
عباس وحيدالإمارات تضخّ 28 مليار درهم لتنمية السودان والاستقرار الماليخليج تايمز ، 14مارس 2018.
[5] مقابلة مع وزير في عهد البشير ، الخرطوم ، أبريل 2019.
[6] كما نفى رعاته الجدد بعزل رئيس مجلس الوزراء طه عثمان الحسين - الذي ظهر كشخصية مركزية في السياسة الخارجية للسودان - بعد أن تبين أن الحسين قد حصل على الجنسية السعوديةغادر الحسين البلاد واستمر ليصبح مستشارا للرياض.
[7] مقابلة مع مراقب السياسة السودانية ، برلين ، يونيو 2018.
انظر أيضًا Crisis Group 2019.
[9] عباس وحيدالإمارات تضخّ 28 مليار درهم لتنمية السودان والاستقرار الماليخليج تايمز ، 14مارس 2018.
[10] مقابلة مع دبلوماسي غربي في الخرطوم ، أبريل 2019.
[11] مقابلة مع ممثل الجبهة الثورية السودانية ، أبريل 2020 ؛ مع ناشط سوداني ، مايو 2020.
[12] في الفترة التي سبقت الانقلاب ضد البشير ، انظر مجدي س. ، مع نمو انتفاضة السودان ، عملت الدول العربية على تشكيل مصيرها ، الأسوشيتد برس ، 8مايو 2019.
عبد العزيز ك. ، جورجي م. دهان م. ، مهجور من دولة الإمارات العربية المتحدة ، من المقرر أن يسقط البشير السوداني ، رويترز ، 3يوليو 2019.
[13] كينت ، رفضح الشبكة المالية الخاصة بمركز بلا حدود ، Global Witness ، 9ديسمبر 2019.
والش ، د. ، وسط صمت أمريكي ، دول الخليج تدعم الجيش في ثورة السودان ، نيويورك تايمز ، 26أبريل 2019.
[14] أثمرت هذه الجهود في البداية ، لكن مصر فشلت في منع مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي من تعليق السودان بعد مذبحة 3 يونيودي وال 2019.
[15] مقابلة مع دبلوماسي يعمل في بعثة غربية في الخرطوم ، أبريل 2019. حول تشاد ، انظر أيضًا De Waal 2019.
[17] مقابلة مع وزير في عهد البشير ، الخرطوم ، أبريل 2019.
[18] مقابلات مع منظّمين وناشطين في اعتصام الخرطوم ، 1-3 مايو 2019.
[19] المرجع السابق .
[20] بيراك م. ، فهيم ك. (2019) ، من المحتجين السودانيين ، تحذير للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة: لا تتدخلوا ، واشنطن بوست ، 29أبريل 2019.
[21] وشملت هذه مريم المهدي ، من حزب الأمة ، قادة حزب المؤتمر السوداني ، ولكن أيضًا متمردي الجبهة الثورية السودانية ، بمن فيهم ياسر عرمان ، من جناح عقار من الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال ، العدل وحركة المساواة ، وميني ميناوي رئيس جناح حركة تحرير السودان ، وهي جماعة متمردة في دارفورسمحت إستضافة الجماعات المتمردة في دارفور للإمارات بإضعاف قطر ، التي كانت قد رعت من قبل مفاوضات السلام بشأن دارفور.
مقابلة مع مسؤول من فرع الحركة الشعبية / ن / الحلو ، الخرطوم ، أبريل 2019.
مقابلة مع أحد قادة حركة العدل والمساواة ، الخرطوم ، مايو 2019. مقابلة مع ضابط في القوات المسلحة السودانية ، الخرطوم ، أبريل 2019. انظر أيضًا سودان تريبيون ، المعارضة السودانية ، ناقش مسؤولون إماراتيون السلام والقضايا ذات الاهتمام المشترك: عرمان ، 18 يونيو 2019.
[22] دافع ياسر عرمان من فرع الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال السودان / أغار في 18 يونيو / حزيران على فيسبوك عن دور الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في الانتقال السودانيخالد عمر من حزب المؤتمر السوداني هاجم قطر والجزيرةوأشاد زعيم حزب الأمة ورئيس الوزراء السابق صادق المهدي بدور الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقوات الدعم السريع في المرحلة الانتقالية.
Al-Quds Al-Arabi ، الصادق المهدي لـ ”القدس العربي”: “الحرية والتغيير” والمجلس العسكري بلا تفويض شعبي ونقبل انتخابات مبكرة بعد استيفاء شروطها… ونفضل التريث بالانضمام إلى المحاور ، 29 مايو 2019.
[23] مقابلة هاتفية مع ناشط سوداني ، مايو 2019.
[24] مقابلة مع أحد كبار مستشاري مجموعة الاتصال السودانية ، مارس 2020.
[25] اتخذ وكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل خطوة غير عادية ليس فقط للاتصال بنائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان ووزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش ، ولكن أيضًا لنشر رسائله إليهما. "اتصال وكيل الوزارة هيل مع نائب وزير الدفاع السعودي خايد بن سلمان" ، قراءة من مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ، 4 يونيو 2019 ؛ "اتصال وكيل الوزارة هيل مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش ،" قراءة من مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ، 6 يونيو 2019.
[26] والش ، د. (2019). في السودان ، صفقة لتقاسم السلطة مدفوعة باجتماع سري وغضب عام ، نيويورك تايمز ، 5يوليو 2019. Crisis Group 2019: 11، De Waal 2019b
[27] دعوة من سودان تريبيون والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للحوار في السودان ، 6يونيو 2019.
[28] مقابلة هاتفية مع ناشط سوداني ، يونيو 2019.
[29] والش ، د. (2019). توصل القادة العسكريون والمدنيون إلى اتفاق لتقاسم السلطة في السودان ، نيويورك تايمز https://www.nytimes.com/2019/07/04/world/africa/sudan-power-sharing-deal.html
[30] والش ، د. (2019). توصل القادة العسكريون والمدنيون إلى اتفاق لتقاسم السلطة في السودان ، نيويورك تايمز https://www.nytimes.com/2019/07/04/world/africa/sudan-power-sharing-deal.html
[31] دي وال ، أ. (2019 أ) ، السودان: تحليل إطار عمل السوق السياسيةبرنامج البحث عن النزاعات التابع لمؤسسة السلام العالمي رقم 19 ، أغسطس 2019https://sites.tufts.edu/reinventingpeace/files/2019/07/Sudan-A-political-market-place-analysis-final-20190731.pdf
[32] مقابلة مع مستشار بمجلس الوزراء السوداني ، مايو 2020.
[33] مقابلة مع ضابط سابق في القوات المسلحة السودانية ، مايو 2020.
[34] PAX Sudan Alert ، خريطة الممثل ، 5 يونيو 2019.
سودان تريبيون ، السودان يُصلح هيكل القيادة العسكرية ، 30أكتوبر 2019.
سودان تريبيون ، السودان يعفي أكثر من 60 مسؤولاً في أجهزة الأمن ، 25 نوفمبر 2019.
سودان تريبيون ، القوات المسلحة والميليشيات تحمي التحول في السودان: البرهان ، 23 ديسمبر 2019.
[35] مقابلة مع دبلوماسي غربي ، أبريل 2020.
[36] أفادت دي وال بأن حميدي وزع نقودًا على رجال الشرطة وضباط القبائل والمدرسين وعمال الكهرباء وضباط القيادة العليا للقوات المسلحة السودانية (2019 أ: 21).
[37] الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال (فرع أجار) ، موقفنا من لقاء عنتبي ، 6 فبراير 2020.
[38] تنص الوثيقة على أن مجلس السيادة كان لديه "رعاية" أو "حضانة" على عملية السلام ("رعاية العملية السلام مع الحركات المسلحة") ، لكن يسرد بصفته السلطة الثانية لمجلس الوزراء "العمل لوقف الحروب والصراعات وبناء السلام "(" العمل على إيقاف الحروب و النراعات و بناء السلام ")للاطلاع على نص الإعلان الدستوري ، انظر http://constitutionnet.org/sites/default/files/2019-10/Sudan٪20Constit الدستورية٪20 Declaration_Arabic_Final.pdf
[39] من بين الجماعات المسلحة التي تتفاوض مع الحكومة ، بعضها ، مثل حركة العدل والمساواة أو جيش تحرير السودان - ميني ميناوي ، تحت رعاية إماراتية منذ تورطهم كمرتزقة إلى جانب خليفة حفتر ، عميل إماراتي ، في ليبياكما أجرى فرع عقار للحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال ، كما ذكرنا ، تقاربًا مع الإمارات في أبريل 2019 ، جنبًا إلى جنب مع مجموعات أخرى من نداء السودانتعمل الإمارات العربية المتحدة على إدخال جيش تحرير السودان - عبد الواحد النور وفرع عبد العزيز الحلو من الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال ، المجموعتان اللتان تسيطران بالفعل على أراضي داخل السودان ، في صفقةسافر الحلو إلى الإمارات في ديسمبر 2019.
مقابلة هاتفية مع ناشط سوداني ، ديسمبر 2019.
إذاعة تمازوج ، متمرد الحلو السوداني يختتم زيارته إلى الإمارات العربية المتحدة ، 31ديسمبر 2019.
الأمم المتحدة ، التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني بالسودان ، S / 2020/36 ، 14يناير 2020.
[40] يتجنب الدبلوماسيون الأمريكيون عقد اجتماعات مع الفروع العسكرية للحكومة.
[41] نفى رئيس الوزراء حمدوك أيضًا أنه تم إبلاغه بالاجتماع ، على الرغم من أن شفيع خضر ، أحد مستشاريه غير الرسميين ، قال إن رئيس الوزراء تلقى إشعارًا لمدة 48 ساعةمقابلة مع محلل مقيم في واشنطن للسياسة الخارجية الأمريكية ، فبراير 2020.
أسوشيتد برس ، اجتماع نتنياهو مع زعيم السودان تم تأسيسه من قبل الإمارات العربية المتحدة ، يقول المسؤول السوداني ، 4فبراير 2020.
[42] في تلك المناسبة ، سعت الإمارات أيضًا إلى فرض قائد جديد لجهاز الأمن: اللواء عبد الغفار الشريف ، أحد أكثر رؤساء الجواسيس نفوذاً في عهد البشير ، والذي عاش منذ ذلك الحين في المنفى في الإماراترفض البرهان وهيمدتي و FFC. مقابلة مع مراقب سوداني ، أبريل 2020.
[43] مقابلة Hemedti مع السودان 24 ، 24 مايو 2020https://youtu.be/glpMPQI670w؟t=2287
(*) إضافات توضيحية مهمة للكاتب.
عن الكاتب:
الدكتور جان بابتيست جالوبين زميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ومقره برلينتتابع جالوبين الشؤون السودانية منذ عام 2010 بقدرات مختلفة ، بما في ذلك بصفتها باحثة السودان لمنظمة العفو الدولية ، كمحلل سياسي لشركة استشارية للمخاطر ، ومستشار مستقلكان تقريره المشترك في تأليف منظمة العفو ، بعنوان "لم يكن لدينا وقت لدفنهم - جرائم الحرب في ولاية النيل الأزرق في السودان" هو أول من وثق جرائم الحرب والجرائم المحتملة ضد الإنسانية في نزاع النيل الأزرق.
نشر جالوبين في Le Monde Diplomatique و Washington Post و Democracy & Security و Aeon و Libération و Le Figaro و Jadaliyya. يظهر بانتظام كمعلق على وسائل الإعلام الدولية ، بما في ذلك الجزيرة الإنجليزية ، RFI ، France 24 ، Deutsche Welle ، و Bloomberg. بالإضافة إلى درجة الدكتوراه ، حصل على ماجستير وماجستير في علم الاجتماع من جامعة ييل ، وماجستير في الدراسات العربية من جامعة جورج تاون ، وعلى درجة البكالوريوس في السياسة من علوم بو ليون.

محمد عمر محمد الخير
الخرطوم في 29 يونيو 2020
                           

أضواء على ضلالات دعاة الحرب ومناصري الجيش

أكدت هذه الحرب بما لا يدع مجالاً للشك أن أزمة السودان تكمن في المقام الأول في نخبه ومتعلميه (الذين يتركز تعليم أغلبهم في إكتساب المهارات وا...